عاد عدّاد الإصابات للارتفاع مجددًا وعادت ملامح القلق والخوف تتسلّل خوفًا من تكرار سيناريو اكتظاظ المستشفيات بالمصابين. هذه المرّة لا تُشبه أوضاع المستشفيات سابق عهدها، فالإمكانيات ضعيفة والتجهيزات ليست كما يُرام. الإصابات تخطّت عتبة الألف إصابة وسط مخاوف من متحور “أوميكرون” الجديد الذي رُصد مؤخرًا في أوروبا. وعليه، يرى أهل العلم والاختصاص أن لا حل في الأفق حتى اللحظة سوى بتلقي اللقاح. طبعًا، هذا لا يعني أنّ اللقاح يقي شر كورونا مئة بالمئة، لكنه حُكمًا يعني إصابة -في حال وقعت- أخف وطأةً على المُلقّحين، وقد تمر بلا أي عوارض أو أوجاع ليكون المصاب بالاسم “مصاب كورونا”، وهذا فعلًا ما بيّنته العديد من التجارب الشخصية مؤخرًا. فكيف يبدو الواقع الكوروني في لبنان؟ وهل مقبلون على مرحلة “حذرة”؟.
عراجي: 400 مريض في أقسام كورونا.. وجهوزيتنا للمواجهة أقل بكثير عن العام الماضي
رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي يوضح في حديث لموقع “العهد” الإخباري أنّ عدّاد كورونا يتصاعد وهذا ما يثير القلق خاصةً أن لدينا أكثر من 400 مريض في أقسام الكورونا بالمستشفيات، منهم أكثر من 200 مصاب في غرف العناية المركّزة. ولا يخفي عراجي أنّ جهوزيتنا أقل بكثير من جهوزيتنا في أشهر كانون الأول وشباط وآذار من العام الماضي عندما تفشّى كورونا واضطررنا الى رفع عدد الأسرة بشكل كبير.
50 بالمئة من أسرّة العناية الخاصة بكورونا غير موجودة
ويوضح عراجي أنّ المستشفيات أقفلت أقسام كورونا عندما انهار الوضع الاقتصادي وقلت أعداد الإصابات، إلا أنّ الواقع الحالي يحتّم علينا رفع الجهوزية الى 700 سرير منها 400 في غرف العناية المركّزة ما يعني أنّ لدينا 50 بالمئة من أسرّة العناية الخاصة بكورونا غير موجودة والمشكلة أننا قادمون على أشهر تشكّل بيئة حاضنة لانتشار كل الفيروسات التنفسية، ما يعني أننا قد نشهد أرقامًا أكثر من التي نشاهدها اليوم. وفي هذا السياق، يشير عراجي الى أنه اذا ارتفعت الأرقام دون وصول المرضى الى العنايات المركّزة فهذا شيء جيد، ولكن اذا بدأنا نشهد ارتفاعا بدخول الأشخاص الى العنايات الفائقة فعندها نكون قد دخلنا مرحلة فيها الحذر الشديد الشديد.
ويلفت عراجي الى أنّ المعلومات حول متحوّر “أوميكرون” لغاية اليوم متضاربة وتبيّن أنّه سريع الانتشار، لأنّ لديه 30 طفرة جينية وأكثر ما يثير خوف العلماء من تأثير هذا المتحور على مفعول اللقاح. وفي هذا السياق، يشدّد عراجي على أهمية اللقاح في التخفيف من وطأة الإصابة بكورونا في حال وقعت، لافتًا الى أنّ 95 بالمئة ممن دخلوا الى العنايات المركّزة في لبنان هم من غير الملقحين و5 بالمئة تلقوا اللقاح لكن لديهم مشاكل معينة، موضحًا أنّ من تلقى اللقاح وأصيب كانت عوارضه طفيفة.
وفي ختام حديثه، يشدّد عراجي على أنّ اللقاح وقاية للبنانيين، فالوضع الاقتصادي مزرٍ ولا يحتمل التفشسي والكلفة الاستشفائية عالية جدًا ولا نستطيع مجابهة كورونا كما جابهناها في السابق بسبب الوضع الاقتصادي والكلفة التي باتت عالية جدًا.
البزري: الحل الأمثل يكمن بتكثيف عملية التلقيح
من جهته، رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري يعتبر في حديث لموقع “العهد” الإخباري أنّ فيروس كورونا لا يشكّل تحديًا للبنان فحسب بل للعالم كله. كل دول العالم تعاني حاليًا من موجة جديدة لأسباب عدة أولها قدرة الفيروس على التغير والتحور اذ ينتج كل فترة متحورًا جديدًا لتخفيف الضغط عما يحصل عليه وليزيد قدرته على الانتشار والتفاعل مع الناس. ثاني الأسباب يكمن في أنّ عملية توزيع اللقاح عالميًا لم تكن عادلة فأكثر من نصف سكان الكرة الأرضية لم يتلقوا اللقاح. أما ثالث الأسباب فيكمن في أنّ الإجراءات اللادوائية كإقفال البلد ومنع التجمعات وتعطيل المدارس والجامعات ورغم حسناتها الوبائية إلا أن لها تأثيرات جانبية كبيرة اقتصاديًا وصحيًا وغيرها. لذلك، فإنّ الحل الأمثل يكون بتكثيف عملية التلقيح لتغطية أكبر شريحة ممكنة لأنّ النسبة اليوم تتراوح بين الـ36 والـ40 بالمئة، رغم أنّ اللقاحات متوافرة وبإمكاننا أن نسجّل نسبة أكبر.
لإقامة توازن بين كورونا والوضع الاقتصادي
ويشدّد البزري على ضرورة أن نقيم توازنًا بين ملف كورونا والعام الدراسي الذي يجب أن يكون جديًا خصوصًا أنّ قسمًا كبيرًا من تلامذة المدارس والجامعات يلتقطون العدوى من الخارج وليس من المدارس والجامعات. ويجب أن نقيم توازنا بين ملف كورونا وفتح البلد لأنّ الوضع الاقتصادي “تعيس” ما يحتّم ضرورة استفادة لبنان من موسم الأعياد السياحية وعدم تفلت الكورونا بشكل كبير خصوصًا أنّ قطاعنا الصحي هذه المرة ضعيف الإمكانيات.
ويرى البزري أنّ لدى لبنان نقاط قوّة تتمثّل في عملية التلقيح التي يجب الاستمرار بها، كما أنّ لدينا مناعة اجتماعية جيدة بعد إصابة وشفاء عدد من الناس. أما نقاط الضعف فتتمثل في أنّ وضعنا الاستشفائي ليس كسابق عهده.