المدارس الرسميّة في لبنان وأساتذتها وطلابها غير مجهّزين بعد للتعلّم عن بُعْد هذا العام! إمّا بسبب عدم القدرة الماديّة والتقنيّة للمعلّمين والطلاب، وإمّا بسبب انقطاع الكهرباء والنت، وإمّا بسبب عدم جاهزيّة الوزارة والمدارس معًا. ولكن!
هل هذا يشفع للمعنيين إبقاء الطلاب والأساتذة في دائرة خطر الكورونا وانتشار الوباء؟ وهل حياة الطلاب والأهل ليست بمستوى الانجازات الافتراضيّة واللامنطقيّة والشخصيّة من عدم الإقفال؟ وهل يعلم المعنيّون حجم الخوف الذي بدأ يدقّ باحات غرف الصفوف، من أستاذ مُصاب ووضعه حرج، وطالب مُصاب نقل العدوى إلى أهله الذين دخلوا إلى المشفى مُرغمين، ومعلّمة مخالطة تنتظر فحصها الإيجابيّ وهي تخشى على أمّها المريضة أو أطفالها الصغار؟ وهل يعلم المعنيّون أنّ التعليم الحضوريّ هذا العام ألزم غالبيّة الطلاب على أن يجلسوا ورفاقهم على المقعد نفسه، وأنّه حتى الآن لا توجد وسائل تعقيم ولا وقاية لقصر يد الوزارات المعنيّة أو ما يشبه البُخل وانتظار المكرمات الدوليّة بالدولار؟ فالاختلاط سيّد الموقف في المدارس مكتظّة الصفوف والملاعب، ولا مجال لِفَضّه إلّا بالتعليم المدمج الذي كان حلالًا في الماضي وأضحى حرامًا في الحاضر! وإن كان من أمرين أحلاهما مرّ : لماذا المخاطرة الآن بأرواح الطلاب والأساتذة الذين قدّموا أجسادهم وأعمارهم ورواتبهم الميّتة كرمى عيون ( الوطن) والمواطن… والساسة!
عندما يُصاب الأستاذ (الجائع أصلًا) ويدفع راتب عام كامل في المستشفى وهو لا يعلم إن كان سيخرج حيّا أو ميّتا، لن تفيده تصريحاتكم ومواويلكم وإبداعاتكم على الورق! هل قيّض للأستاذ الرسميّ أن يُصبح (انتحاريًّا) من أجل إخفاقات أو تقصير أو عناد من هنا ووعود وتصريحات لا تخاطب الواقع من هناك! الأستاذ يُقتَل مرّتين: مرّة وهو حيّ يُرزق من فتات الراتب الذي يوصله إلى مدرسته منهَكًا مُدمّرًا وقد ثابر وعاد مقتنِعًا أو من غير اقتناع، وأخرى وهو ميّت على نيّة أنّه حيّ! واقع المدارس على الأرض يا سادة ويا قادة عظام تختلف عن واقع المكاتب والغرف الضيّقة والاتصالات بعيدة المدى! الخُطط المعلّبة تحتاج إلى تحديث وتطوير وقرارات من صلب الواقع لا من صُلب المواقع! ملحوظة: (الخطط الاستشرافيّة في لبنان تكون دائما في طور الإنجاب، فغالبًا ما يَسبق القولُ الفعل والعمل بأشواط، فلا المولود يأتي ولا البطن بحامل!)
د. محمّد حمّود.