هبة العنان
حكمت الدولة على المواطن بالموت. بشكل رسمي أصبح الدواء للأغنياء فقط، فبعدما قررت رفع الدعم جزئيا عن أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة، وجد المواطن نفسه عاجزا عن شراء أدويته الأساسية التي تنقذ حياته. المعنيون بالقرار زعموا أنهم قدموا حلا بديلا لسد حاجات المواطن، عبر دعوته إلى اللجوء إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية، ظنا منهم أنها قادرة على تأمين حقوقه البديهية. ما هو دور هذه المراكز؟ وهل ستلعب دور البديل؟ وإلى أيّ مدى ستكون قادرة على تأمين الفاتورة الدوائية للمواطن؟
توضح رئيسة دائرة الرعاية الصحية والتلقيح في وزارة الصحة العامة الدكتورة رندا حمادة في حديث لموقع “العهد الإخباري” أن “مراكز الرعاية الصحية الأولية هي جزء هام من النظام الصحي اللبناني وهي المدخل الأول أمام المريض من أجل تقييم حالته وتلقي العلاج الأولي قبل التوجه إلى الاستشفاء في حال تطلب وضعه ذلك”، وتضيف أن “اللبناني اعتاد عند أيّ ألم أن يتوجه مباشرة إلى المستشفى، وهذا الأمر سبب هدرا كبيرا في النظام الصحي اللبناني ورفع فاتورة الاستشفاء على الدولة والمواطن على حد سواء”.
وتلفت حمادة إلى أن “المراكز ليست البديل الذي طرح في وقت الضيق، وليس صيدلية توزع الأدوية، ولا تبغي أي ربح أو منافسة مع القطاع الخاص، بل هي المدخل الأول لأي حالة مرضية”، وتذكر أنه “من المهم تسليط الضوء على خدمات هذه المراكز لتشجيع الناس على زيارتها، خصوصًا أن المستشفيات باتت بوضع متردٍّ نتيجة انتشار فيروس “كورونا””.
حمادة تؤكد لـ”العهد” أن للمراكز أدوارًا كثيرة، بدءًا بمعاينة المريض وتشخيص حالته وصولا إلى اعطاء الدواء المناسب وتوفيره، بالإضافة إلى تقديم المعاينات الدورية للأطفال وتأمين اللقاحات الأساسية لهم، وتضيف أن “هذه المراكز تعنى بفحوصات المواطن الدورية السنوية (الصور الصوتية – الصور الإشعاعية…”.
وتشدد حمادة على أن “خدمات هذه المراكز تقدم للجميع، لبنانيين وغير لبنانيين، فقراء أو أغنياء”، وتشير إلى أن الوزارة والجهات المانحة قررت في الآونة الأخيرة أن تتيح أمام الجميع إمكانية الاستفادة من المركز بعد أن كان ذلك محصورًا بحالات اجتماعية معينة وبغير المضمونين”.
وحول الجهات التي تقدم الدواء للمركز، تؤكد حمادة أن “منظمة الصحة العالمية تعمل على تأمين الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة وغير المزمنة بنوعية جيدة وبسعر زهيد، فيما تتولّى منظمة “اليونسيف” تأمين لقاحات الأطفال”، وتردف أن “الاتحاد الأوروبي يدعم الجهتيْن من أجل تأمين استمرارية تأمين الأدوية إلى الوزارة”.
حمادة تؤكد أيضًا أن “الوزارة أمّنت الأدوية التي تحتاجها مراكز الرعاية الصحية الأولية والمال المخصّص من أجل ذلك على مدى 5 سنوات قادمة”، وتبيّن أن “قسمًا من الأدوية توزعه الوزارة في مركزها في الكرنتينا فيما تتولى جمعية “الشبان المسيحية” توزيع قسم آخر”.
وبحسب حمادة، تفرض هذه المركز تعرفة رمزية تتراوح بين الـ5000 ليرة و18 ألف ليرة، وتشمل خدماتها حوالي 980 ألف مواطن لبناني و36 ألف شخص غير لبناني، وتقدم فوق الـ4 ملايين خدمة متنوعة لهؤلاء”.
نصف الفاتورة الدوائية في خدمات مراكز الرعاية الصحية
وفي سياق متصل، تؤكد المسؤولة عن صيدلية مركز بلدية برج البراجنة للرعاية الصحية الأولية سهى العنان في حديث لـ”العهد” أن “خدمات المراكز تؤمّن نصف الفاتورة الدوائية للمواطن وليست مكانا لبيع الأدوية، بل يجري تقديمها بناءً على معايير وشروط محددة”.
وتوضح العنان أنه “عند توجه المريض إلى المركز، تجري معاينته أولًا من قبل طبيب عائلة، يقيم وضعه الصحي ويطلع على ملفه وأدويته الدورية، ثم يعاينه طبيب القلب والشرايين ليحدد ما اذا كان يحتاج مراجعة طبيب اختصاصي أو إمكانية تلقيه العلاج بشكل عادي”، وتذكر أنه “بعد فتح ملف مخصّص للمريض مقابل مبلغ رمزي، يصبح له الحق بالحصول على الأدوية من صيدلية المركز”.
وتضيف أن “صيدلية المركز تؤمن أدوية الأمراض المستعصية الأساسية، وليست الخاصة بحالات معينة (نجد مثلا لدى المركز دواء concor لمرضى الضغط لكننا لا نجد concor plus المكون من عدد من التركيبات)”.
وتشير العنان إلى أن “الجهات المانحة (الوزارة و”اليونيسيف” بالتنسيق مع جميعة الشبان المسيحية) تؤمن الأدوية بشكل دوري وبناء على ملفات المرضى التي ترسلها المراكز، أي إن الدواء لا يوزع بشكل عشوائي لأيّ مريض كان”.