الفرصة الغائبة! د. محمد حمود

 

أؤمن أنّ كلّ ما غاب عنّي من فُرَصٍ خسرتها مهما غلَتْ، (هُوَ) أقلّ جمالًا من حاضري الذي أنتمي إليه وأعيشه بقناعة ومن دون تزلّف!
قال لي أحد المتسلّقين يومًا والذي كان برتبة وظيفيّة كبرى( فئة ثانية):
– قبل تقاعدي كان هاتفي يرنّ ويرنّ ويكاد لا يهدأ، والناس من حولي في مسير وتجوال دائمين! الآن (فيلتي الفخمة) تكاد لا يدخلها إلّا جابي الكهرباء والماء وحواضر العيش، ذهبوا جميعًا عنّي، وها أنا أعيش في اكتئاب مُزمن!
– قلتُ له: ربّما كنتَ قاسيًا او متكبّرًا في وظيفتك وقد تملّكك العُجُب في نظر الناس وفي تعاملك وردود أفعالك!
– أجاب: لم ألاحظ ذلك، غالبيّتهم كانوا يُظهرون لي الاحترام ويبدون الخشية منّي والمدح المتواتر عليّ، كنتُ قويًّا لأنّ بيدي سلطة ما…! ربّما.
( أنا أعلم بأنّه واحد من أولئك الأزلام من الذين أضاعوا الفُرَص على الناس، أو شطبوا اسمًا من هنا وأثبتوا آخر من هناك وفق الهوى وغواية الكبار، وأعلم بأنّ منصبه الحقيقيّ لم يكن لائقا به بعد أن داس بعنجهيّته على مَنْ هم أفضل منه).
تركتُهُ وفي نفسي تلك الحكمة الجميلة التي يعرفها هو ولا ينطق بها:
ماتت خادمة القاضي، فذهب الجميع إلى تعزية القاضي، مات القاضي، ذهب الجميع إلى مباركة القاضي بمنصبه الجديد…وما أكثرهم!
العبرة في خواتيم ما نؤول إليه براحة ضمير، لا في النهايات المُسْتَحْقَرَة.
د. محمّد حمّود.