هل فقدت الولايات المتحدة إرادة القتال في حروبها الخارجية؟

أثارت الهزيمة الأميركية في أفغانستان الكثير من التساؤلات، من بينها ما إذا كانت الولايات المتحدة تمتلك الإرادة الحقيقية لخوض الحروب الطويلة، خصوصا ان واشنطن قادت حربها هذه بشكل أساس لتكون حرب إرادات.

وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب الأميركي رفائيل كوهين في مقالة نشرها موقع “لوفير” Lawfare أن “الطرف الذي يملك الإرادة الأقوى هو الذي ينتصر في مثل هذه الحروب، وهذا ما نجحت فيه حركة “طالبان”. 

وتابع الكاتب أن “الولايات المتحدة فقدت الإرادة من أجل القتال”، مشيرًا إلى أن “الرئيس الأميركي جو بايدن نفذ بسحبه القوات الأميركية من أفغانستان اتفاقية كان قد أبرمها سلفه دونالد ترامب”.  وتحدث عن “تأييد شعبي أميركي للانسحاب من أفغانستان”، لافتًا إلى “استطلاع أجرته صحيفة “واشنطن بوست” وقناة اي بي سي نيوز “ABC News” بيَّن أن نسبة 75% من الشعب الأميركي يدعم الانسحاب على الرغم من التخبط الذي رافق عملية الانسحاب”. 

واعتبر الكاتب أن “إدارة بايدن ستصدر استراتيجيات جديدة للأمن والدفاع الوطني”، مرجحًا أن “تركز هذه الاستراتيجيات على التهديد الذي تشكله الصين وروسيا، وأن تقلل في الوقت نفسه من حجم التهديد المتمثل “بالإرهاب الدولي”.

وفي حين توقع الكاتب أن “تبقى آثار الحرب الأميركية على أفغانستان، لفت إلى عامل الارادة القتالية، وقال إن “المعدات العسكرية من طائرات ودبابات وسفن لا يمكن أن تحقق شيئا من دون هذه الإرادة”. 

واعتبر الكاتب أن “الإرادة القتالية الأميركية للدخول في مواجهة مع قوة كبرى في المستقبل أصبحت موضع شك بعد الهزيمة في أفغانستان”. 

كما توقع أن تكون “”هذه الحروب المستقبلية” اختبارا صعبا جدًا للإرادة القتالية الأميركية حتى في أحسن الأحوال”، محذرا من أن الحرب مع الصين على خلفية ملف تايوان أو مع روسيا على خلفية موضوع دول البلطيق ستكون أصعب بكثير من الناحية العسكرية مقارنة مع الحروب في أفغانستان والعراق. 

وحذر كوهين  من أن “الأضرار البشرية والاقتصادية من هذه الحروب المستقبلية ستكون أكبر بكثير مما شهدته الولايات المتحدة في الحرب العالمية على الإرهاب”، وقال إن “الانتصار فيها سيكون أصعب بكثير مقارنة مع أفغانستان”. 

وأضاف الكاتب أن “موضوع أفغانستان سيكون عنصرًا حاضرًا في أي تدخل عسكري أميركي في المستقبل”، لافتا إلى أن “الجهات التي عارضت “الحرب على الإرهاب” باقية وإن كانت هذه الحرب قد انتهت”. 

وأشار إلى أن “الاستطلاعات التي أجريت قبل الانسحاب من أفغانستان كانت قد أفادت أن هناك طيفًا واسعًا من الأميركيين من مختلف الانتماءات السياسية، يؤيدون سياسة خارجية اقل اعتمادًا على العنصر العسكري”، وأضاف أن “هذا الموقف قد يتعزز بعدما كشفت الهزيمة في أفغانستان إخفاقات الاستراتيجية العسكرية الأميركية”. 

وتابع الكاتب أن “أفغانستان قد ترسخ الرفض الأميركي “للحروب الأبدية””، مشيرًا إلى أن “الحروب المستقبلية لن تكون على الأرجح حروبًا سريعة”. 

وقال إن “الصين وروسيا بلدان كبيران وقويان وهيبتهما وأمنهما وربما بقاء نظامهما سيكون على المحك في حال اندلاع الحرب على خلفية ملف تايوان أو أوروبا الشرقية”، واستبعد أن “تستسلم بيكن أو موسكو حتى وإن تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من التفوق خلال المراحل الأولى من أي مواجهة”.

وتوقع أن “تستمر هذه الحروب لأعوام إن لم يكن عقود، لتتحول بالتالي إلى “حروب ابدية””.