محمد عيد / العهد
ذات تأمل قال الفيلسوف العربي الكبير أبو العلاء المعري إنه لن يستزيد بعد اليوم في العجائب وقد تجرأت طغمة حاقدة على سفك دم سيد شباب أهل الجنة. وبعد عدة قرون من ذلك نفذت بصيرة الشاعر الراحل أحمد عيد إلى ما يجري اليوم فقال مخاطباً أبا العلاء:
قتل الطغاة حسين عصرك غدرة
واليوم يقتل في الحسين حسين
* اختلفت اللغات والحزن واحد
من كل مكان جاؤوا، يحدوهم الحب الحسيني والأمل في الانتصار لأهل بيت نبيهم ولو بالحنين، وهذا عندهم أضعف الإيمان. مدينة السيدة زينب عليها السلام اتشحت بالسواد وسارت المسيرات الحزينة في شوارعها تستحضر ذكرى عاشوراء ومسير أبي عبد الله الشهيد إلى الطغاة والمستكبرين.
في المدينة الحزينة الثائرة ستسمع كل اللغات واللكنات، وقد يحتاج المرء إلى ترجمان ليحيط بما يقوله هؤلاء، لكن الحزن لغة ليست عصية على الفهم، والعيون المجللة بالدموع تحكي الكثير عن شهادة الحسين عليه السلام وأهل بيته وجسارة وإيمان العقيلة الطاهرة زينب(ع) وهي تواجه يزيد عصرها كما تفعل اليوم كل نساء وأخوات الشهداء ممن قارعوا يزيد عصرهم، ولهذا كله يدرك هؤلاء أن كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء.
تحكي أم علي القادمة من لبنان لموقع “العهد” الإخباري كيف حملت رضيعها وجاءت إلى الأربعين لتعزي السيدة الطاهرة زينب عليها السلام باستشهاد أخيها الحسين عليه سلام الله. تملكها العبرات ويغص حديثها بالدموع.
مثل أم علي كثيرات جئن من لبنان والعراق والكويت والبحرين والسعودية وأفغانستان وباكستان، وغيرهم من محبي العترة الطاهرة. بعض الزوار أقعدته نوائب الدهر فحمله الشوق على كرسي متحرك يجره محب يبغي البركة وينشد حسن الخاتمة ببركة حبه لآل بيت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
كميل عبد الحسين شاب صغير جاء من البحرين للمشاركة في أربعين الإمام الحسين عليه السلام. يفخر كميل في حديثه لموقع “العهد” الإخباري بأنه زار المقام الطاهر لإحياء الأربعين يوم كانت جل السبل إليه مقطوعة إلا سبيل القلب الذي حمله على جناح الشوق حينها، وها هو اليوم يعود لإحياء المناسبة والظروف غير الظروف والأمان يملأ المكان إلا ذلك الغضب الذي يعتريه كلما سمع بسيرة الحسين(ع).
* الحسين(ع) للبشرية جمعاء
السيد محمد الراوي المدرس في جامعة المصطفى والمسؤول السابق عن مقام الصحابي الجليل عمار بن ياسر الذي دمره التكفيريون في مدينة الرقة السورية يؤكد في حديثه لموقع “العهد” الإخباري أن الانتصار للعهد الحسيني وللدماء الطاهرة ليس حميّة مذهبية إنما هو تأكيد على أن الحسين عليه السلام خرج من أجل وحدة الأمة، وحق المسلمين فيه لا يتجزأ، ولولا دماؤه الطاهرة لأفل نجم دين محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وآله على يد من لم تفارق الجاهلية البغيضة قلوبهم ومن لم يتمكن الدين الحنيف من أسر قلوبهم المريضة بالشك.
أما الشيخ علي داغر إمام مسجد الرضا عليه السلام فيشير في حديثه لموقع “العهد” الإخباري إلى أن المسلمين جاؤوا من كل أنحاء المعمورة إلى مقام السيدة الطاهرة زينب عليها السلام ليؤكدوا على التزامهم بوصية ونهج الإمام الحسين عليه السلام الذي يتسلح به كل المستضعفين في الأرض اليوم دفاعاً عن مظلوميتهم التي انتصرت لها كربلاء قبل الف وأربعمائة عام.