تتجه الأنظار اليوم إلى قصر بعبدا حيث ستكون الجلسة الأولى التعارفية للحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، وستكون الصورة التذكارية، ليبدأ بعدها العمل وسط تساؤلات عن كيفية تعاطي مجلس الوزراء الجديد مع الأزمات المحدقة وفي مقدمتها موضوع رفع الدعم عن المحروقات.
وتشهد أزمة البنزين استفحالًا كبيرًا اليوم بعد توقف المحطات عن التعبئة بسبب نفاذ الكميات عند غالبيتها، وعدم تفريغ البواخر المنتظرة في البحر بسبب عدم فتح اعتمادات جديدة من قبل مصرف لبنان، ما يجعل من السوق السوداء تتربع على عرش توفير هذه المادة الحيوية وسط غياب أي رقابة من الجهات المعنية.
وليلًا يطل الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في كلمة مباشرة حول آخر التطورات، ومن المتوقع أن يتطرق فيها إلى البواخر الإيرانية المحملة بالمحروقات.
“البناء”: حكومة ميقاتي تنطلق بترحيب دولي عربي
تقلع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وسط ترحيب أميركي- أوروبي- عربي بولادتها، وينعقد اجتماعها الأول اليوم كخطوة أولى نحو بدء صياغة بيانها الوزاري الذي تؤكد مصادر قريبة من رئيس الحكومة أن الأولوية في البيان ستكون للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، بينما تحدثت المصادر عن أولوية داخلية تتمثل برفع الدعم والبطاقة التمويلية المترابطين معاً، وبالتوازي بالحفاظ على استقرار سعر الصرف وإنهاء الأسعار المتعددة للدولار في السوق.
مصادر نيابية تعتقد أنّ الحكومة ستنال ثقة تقارب المئة صوت، مع الإخراج المتمثل بانضمام كتلة لبنان القوي لمانحي الثقة بعد صدور البيان الوزاري، والتزام كتل المستقبل والتنمية والتحرير والوفاء للمقاومة وكتل المردة والقومي والرئيس ميقاتي بمنح الثقة وترجيح منحها من اللقاء التشاوري.
ليلاً سيطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وترجح مصادر حزب الله أن يعلن السيد نصرالله خطة توزيع حمولة السفن من المازوت، بعد وصولها أمس إلى البقاع، كما قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين.
بعد التقاط الصورة التقليدية لها بمشاركة رئيس مجلس النواب نبيه بري، تعقد الحكومة الجديدة جلستها الأولى قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي ستفضي إلى تكليف لجنة لصياغة البيان الوزاري الذي سيكون عليه الواقع الاقتصادي وكيفية معالجته، فضلاً عن التأكيد على التعاون مع المنظمات الدولية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي وفق خطة إصلاحية إنقاذية للبلد والانفتاح على الدول العربية والصديقة وترتيب العلاقات معها بما يخدم مصلحة لبنان كما سيؤكد البيان الوزاري إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها ودعم الجيش والقوى الأمنية.
إلى حين إقرار الحكومة البيان الوزاري تمهيداً لنيلها الثقة في مجلس النواب، أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ «البناء» أن تعاطي التيار هو إيجابي وأن قرار منح الثقة رهن برنامج الحكومة، مشددة على أنّ ما يهمّنا كتكتل أن تنجح الحكومة في المهمة المشكلة إليها ونحن من جهتنا سنساعدها في عملية الإصلاح في حال سلكت طريق تطبيق الإصلاحات والتدقيق الجنائي. وفي سياق متصل تشدد المصادر على عمل الوزراء بعيداً من الحسابات السياسية والتناقضات، مضيفة سنكون بالمرصاد لأي محاولات تعيق الإصلاح ومحاربة الفساد وتسيير شؤون المواطنين، مع تأكيده أن العهد لا يملك الثلث الضامن وأن هذه الحكومة تتسم بالوزراء التوافقيين الذين لا يمكن احتسابهم على فريق دون الآخر.
وأعلن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في حديث تلفزيوني أمس عن منح الحكومة الثقة لإعطائها فرصة لأنّ الوقت ليس للمناكفات السياسية والمزايدات، ونتمنى نجاح الحكومة لإنقاذ البلد مما هو فيه، ولبنان لم يعد يتحمل مراهنات جديدة.
وتظن مصادر مطلعة لـ «البناء» أنّ أحداً من المكونات السياسية لن يذهب إلى تعطيل هذه الحكومة، أولاً لأن الظروف لا تسمح باللعب على وتر الصراعات، ثانياً تقاطع الدور العربي (الأردني والمصري) والأميركي والروسي والفرنسي على أهمية تأليف حكومة تقوم بما هو مطلوب منها لإنقاذ الوضع ووضع حد للانهيار تمهيداً لترتيب الأوضاع في مرحلة مقبلة، في إشارة إلى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. ورأت المصادر أن هذه الحكومة ستعمل على إدارة الأزمة ومعالجتها، بخاصة أن هناك ملفات ضاغطة تنتظرها من رفع الدعم وأزمة المحروقات والاحتكار. ورجحت المصادر أن تكون القرارات التي ستصدر عن مجلس الوزراء توافقية، بخاصة أن انتقاء وزراء هذه الحكومة استند إلى ضرورة تشكيل فريق عمل متجانس لا يعطل أي إنتاجية حكومية مطلوبة.
في الموازاة، أشارت مصادر مطلعة على موقف الرئيس ميقاتي لـ «البناء» إلى أنّ برنامج الرئيس ميقاتي يقوم على التفاوض مع صندوق النقد والتصدي للأزمة الاقتصادية والاجتماعية وإجراء الانتخابات النيابية، معتبرة أن برنامج الرئيس ميقاتي سيكون مثقلاً بالعمل وتنفيذ الوعود التي قطعها، وهناك تعويل من قوى سياسية محلية وخارجية على هذه الحكومة على تحقيق الإنجازات، بالتالي يفترض بالجميع إقران الأقوال بالأفعال وتجاوز كل الخلافات والانكباب على العمل والتعاون لإنجاح الحكومة في تنفيذ مهامها.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باشر السبت عقد اجتماعات متتالية مع الوزراء في إطار مناقشة تصوّرهم لعمل وزاراتهم والملفات الأساسية المطلوبة، والتحضير للبيان الوزاري الذي ستنال الحكومة الثقة على أساسه. كما عقد ميقاتي اجتماعاً ضمّ الوزراء الجدد والسابقين المعنيين بموضوع البطاقة التمويلية التي تمّ الإعلان عن المباشرة بتسجيل من يرغب الإفادة منها وفق الشروط المحدّدة.
وحرص رئيس الحكومة على الاطّلاع تفصيلياً على المراحل التي قطعها هذا الموضوع، وما إذا كان الإعلان عن البطاقة قد اقترن فعلياً بمصادر تمويل محدّدة، ومواعيد محدّدة للدفع، أم أنّ البحث سيستمر في هذا الموضوع لإيجاد التمويل المناسب والحلول النهائية لكلّ المسائل المتعلقة بهذا الملف. وقد اتفق بنتيجة البحث على أن يستكمل الوزراء الجدد والسابقون البحث في الأيّام القليلة المقبلة لإعداد التقرير النهائي في هذا الموضوع.
وأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريح له ارتياحه لتشكيل الحكومة، معتبراً أنه «ابتداء من الغد (اليوم) ستنطلق الحكومة إلى العمل ونأمل بأن توفق لما فيه خير اللبنانيين».
أما حزب الله فرأى على لسان النائب حسن عز الدين في تشكيل الحكومة «خطوة إيجابية تستدعي تضافر جهود جميع الجهات السياسية لأجل النهوض بالبلد وانتشاله من الانهيار التام، والبدء بمجموعة من الإجراءات السريعة لمعالجة الأزمات الحياتية الآنية، والتأسيس لوضع خطة إنقاذية في إطار خطة شاملة لتعزيز الاقتصاد المنتج على كل الأصعدة، ما يسهم في دعم الليرة اللبنانية والحفاظ على قدرتها الشرائية»، مشدداً على «ضرورة أن تضع هذه الحكومة على سلم أولوياتها مهمة تأمين الأموال اللازمة، ووضع البطاقة التمويلية موضع التنفيذ لمساعدة المواطن ورفع قدرته على المواجهة».
وأعرب الاتحاد الأوروبي، عن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في لبنان، برئاسة نجيب ميقاتي. وقال الاتحاد الأوروبي في تصريحات أوردتها وكالة «رويترز»، أنه مستعد لحشد الجهود، من أجل دعم لبنان، ومساعدته على مواجهة الأزمات التي يعانيها. وقال على جميع الأطراف المعنية أن تظهر نفس العزم والقدرة على التسوية، وأن تتبنى من دون تأخير الإجراءات اللازمة لضمان تلبية الاحتياجات الفورية والتوقعات المشروعة للشعب اللبناني. بما في ذلك التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. ودعا الاتحاد الأوروبي لضرورة مباشرة الاستعدادات للانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية العام المقبل «بطريقة حرة ونزيهة وشفافة».
وعلى صعيد أزمة المحروقات، أفادت مصادر شركات المحروقات لـ «البناء» أن البواخر الموجودة في البحر لا تستطيع التفريغ، ومردّ ذلك أنّ مصرف لبنان لم يمنحها حتى الساعة الاعتمادات اللازمة، ومن غير المعلوم إن كانت الاعتمادات ستنتظر بدء الحكومة عملها بعد نيلها الثقة، محذرة من أن المخزون سينفد وأن نحو 90 في المئة من المحطات على الأراضي اللبنانية ستكون مقفلة اليوم.
“الأخبار”: هديّة سلامة لميقاتي: رفع الدعم قبل الانتقال إلى السرايا!
وقالت “الأخبار” إن الهدية الأولى لنجيب ميقاتي ستكون رفع الدعم عن المحروقات. وهذه هدية سعى بنفسه للحصول عليها، لافتراضه أن وصولها قبل بدء عمله رسمياً، سيحُرّره من المسؤولية، التي كان شريكاً فيها من خلال دعمه الدائم لرياض سلامة. لكن على المقلب الآخر، فإن الأخبار الآتية من خلف الحدود تبدو أكثر رأفة. فمع اقتراب وصول النفط العراقي وإعلان سوريا جهوزية خط الغاز للاستجرار إلى لبنان، يعلن السيد حسن نصر الله اليوم بدء وصول المازوت الإيراني، شارحاً آلية توزيعه ومراحله.
انتهى مسلسل تأليف الحكومة الطويل، وأتى فصل نيلها الثقة. لكن قبل ذلك، لا بد من الصورة التذكارية التقليدية على درج قصر بعبدا. هذه الصورة يفترض أن تُلتقط قبيل اجتماع الحكومة عند الساعة 11 قبل الظهر الذي سيخصّص حصراً للتعارف بين مكوّنات الحكومة الجديدة ولتشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري. اللجنة التي يُتوقع أن تتمثّل فيها كل الكتل، يُفترض أن تعدّ البيان خلال شهر كحدّ أقصى، قبل أن تمثل أمام المجلس النيابي لنيل الثقة.
وفيما تبدأ اليوم أيضاً عملياً التسليم والتسلّم بين عدد من الوزراء، لم تتغيّر أولويات البلد في الفترة الفاصلة بين التأليف ونيل الثقة. لا تزال مسألة الكهرباء والمحروقات مصدراً لمعاناة يومية. لكن بحسب ما صار معلوماً، فإن الباخرة الأولى من بواخر الفيول المستبدلة مع العراق، ستصل هذا الأسبوع، على أن تستمر بوتيرة أسبوعية، بما يضمن تأمين أربع ساعات إضافية من التيار الكهربائي يومياً. أما على الخط العودة إلى استجرار الغاز المصري إلى لبنان، فيبدو أن الإجراءات التحضيرية تسير بشكل متسارع أيضاً، وقد أعلنت وزارة النفط في سوريا إتمام صيانة القسم الأكبر من الشبكة التي تمر عبر الأراضي السورية.
أما على خط المازوت الإيراني، وبعدما صار معلوماً أن الباخرة الأولى وصلت فعلاً إلى سوريا، سيخرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليعلن بدء دخول المازوت إلى لبنان. وهو سيخصص حيزاً كبيراً من خطابه اليوم لشرح آلية التوزيع ومراحله، حيث يفترض أن تكون الأولوية للمستشفيات ودور العجزة والأفران والمصانع الحيوية، على أن يليها في المرحلة الثانية المولدات الخاصة، علماً بأن الخطاب يتناول أيضاً التطورات على الساحة الفلسطينية، إضافة إلى التطورات المتصلة بتأليف الحكومة.
محطات البنزين تقفل أبوابها خوفاً من الفوضى أو سعياً للاستفادة من رفع الدعم؟
لكن إذا كان المازوت الإيراني سيؤمن بعضاً من حاجة السوق، فإن البنزين بدأ يفقد من المحطات، حيث تكررت أمس الأخبار عن إقفال أغلبها بانتظار تسلّم المحروقات من الشركات، التي تحمّل بدورها المسؤولية لمصرف لبنان الذي يرفض فتح اعتمادات لبواخر متوقّفة أمام الشاطئ اللبناني، علماً بأن مصادر معنية تؤكد أن محطات عديدة تتذرّع بالإشكالات التي تحصل لإغلاق أبوابها والحفاظ على مخزونها إلى حين رفع الدعم وتحقيق أرباح ضخمة غير مستحقة.
إلى ذلك، أصدرت نقابة أصحاب المحطات بياناً طالبت فيه القوى الأمنية بتنظيم الوقوف على المحطات وحمايتها قبل أن تضطر مكرهة إلى الإقفال.
وبحسب المعلومات، فإن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، يُردّد أن مبلغ الـ 200 مليون دولار المُخصّص لاستيراد المحروقات على سعر 8000 ليرة للدولار قد نفد (خصص مبلغ 25 مليون دولار لمصلحة كهرباء لبنان)، ولم يعد بإمكانه فتح أي اعتماد على السعر المدعوم. وهو ما يعني عملياً نهاية الدعم، مع ما يؤديه ذلك من تضخم إضافي، وارتفاع غير مسبوق في الأسعار. وفيما توقعت مصادر مطّلعة أن تتم الإشارة إلى رفع الدعم اليوم، كانت أخرى تشير إلى أن تأليف الحكومة لن يؤخّر هذا الإعلان، بل على العكس سيسرّعه. وبحسب المصادر، فإن رفع دعم هو قبل أن يكون قراراً لسلامة أو للمجلس المركزي لمصرف لبنان، هو طلب لميقاتي، الذي يريد أن يُرفع الدعم قبل تسلّمه مهامه يوم الثلاثاء.
وإذا صح ذلك، فإن رفع الدعم سيكون أوّل الملفات على طاولة الحكومة الجديدة، التي علم أن رئيسها بدأ بالفعل اجتماعات مع عدد من الوزراء لمناقشة ملفات أساسية تواجه الحكومة، ومنها على سبيل المثال، ملف البطاقة التمويلية، الذي يفترض الإسراع في إنجازه.
“الجمهورية”: مجلس وزراء اليوم للصورة و”البيان”
أخيرا تألفت الحكومة التي تحوّل تشكيلها إلى معجزة وحدث، فيما كان يفترض ان تتألّف خلال أيام او أسابيع قليلة أبعد تقدير، بسبب كارثية الوضع المالي. ومع تأليفها انتقل التركيز إلى جانب آخر، يبدأ من اجتماعها الأول والبيان الوزاري وجلسة الثقة، لينتقل إلى الأساس المتمثل بإنتاجيتها وقدرتها على فرملة الانهيار وإعادة ترميم الوضع رويداً رويداً.
لا شك في انّ مجرد تأليف الحكومة انعكس ارتياحاً في الأسواق ولدى الناس وانخفض الدولار، وبالتالي، كيف بالحري في حال نجحت في إدارة ملفاتها، وأحسنت في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وتمكنت من تحقيق رزمة إصلاحات، فيعني أنّ الدولار سيواصل انخفاضه، وانّ الناس ستبدّد مخاوفها مع شعورها انّ الانهيار توقف وانّ ظروفها ستبدأ بالتحسُّن.
فالبلاد فعلاً أمام فرصة إنقاذية جدّية، ولكن من يضمن أن لا تنسحب مشاكل التكليف على التأليف، وان يتحول مجلس الوزراء مساحة شغب وتعطيل بدلاً من أن تكون مساحة وئام وفعالية، خصوصاً انّ الخلافات والانقسامات هي نفسها، والأطماع السلطوية لم تتغيّر، والسؤال الأساسي الذي ستجيب عنه الأسابيع والتطورات المقبلة هو الآتي: لماذا تنجح حكومة ميقاتي حيث فشلت حكومة الرئيس حسان دياب؟
وفي مطلق الحالات، الآمال المعلّقة على الحكومة واسعة وكبيرة، من الناس التي تريد «حجّ خلاص» من أوضاعها المأسوية، إلى المجتمع الدولي الذي لاقى التأليف بترحيب واسع. فهل ستكون الحكومة على قدر تطلعات الناس وحسن ظن عواصم القرار؟ أم انّ الأمور ستراوح مكانها بسبب حجم التحدّيات السياسية الهائل، مع بدء العد العكسي للانتخابات النيابية، وانطلاق المعركة الرئاسية مع اقتراب دخول الرئيس ميشال عون السنة الأخيرة من ولايته؟
وإن دلّ حجم الترحيب الدولي بولادة الحكومة على شيء، فعلى انّ المجتمع الدولي يريد مساعدة لبنان واللبنانيين، ولكن يتوقّف على الحكومة وإنتاجيتها وتجاوبها مع الشروط الإصلاحية المطلوبة من أجل فتح باب المساعدات، وبالتالي، كل نظرية انّ لبنان يتعرّض لحصار غير دقيقة، وإذا كان من حصار فهو حصار القوى المعنية للشعب اللبناني، بسبب سلوكها وممارساتها التي لا تبدّي مصلحة لبنان العليا.
وفي مؤشر الى الجدّية التي يتعاطى بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لم ينتظر نيل حكومته الثقة، إنما شرع في اجتماعات ولقاءات واتصالات من أجل تمهيد الأرضية، خصوصاً انّ الوضع لا يحتمل ترف الوقت والانتظار، في ظل أوضاع حياتية كارثية، والاستحقاق الأبرز هذا الأسبوع سيكون مع رفع الدعم عن المحروقات او فتح اعتمادات جديدة ربما أخيرة لها، لأنّ مخزون البنزين لدى الشركات انتهى، ومعظم المحطات رفعت خراطيمها وطوابير الذلّ عليها تضاعفت.
ولا تنحصر الأمور بمادة البنزين، إنما المازوت واقتراب فصل الشتاء، ومصير العام الدراسي الذي لم يعد من أبرز تحدّياته وباء كورونا، إنما رواتب المعلمين ووصول التلامذة الى مدارسهم مع أزمة البنزين وارتفاع اسعاره، والوضع المعيشي الصعب عموماً، وكل القطاعات المأزومة، وفي طليعتها القطاع الاستشفائي. ولكن بلا شك انّ ولادة الحكومة تعطي أملاً في إمكانية البدء بمعالجة هذه الأزمات وغيرها، فيما لو لم تتشكّل لكان الارتطام الكبير قد وقع.
الصورة التذكارية
في هذه الاثناء، أُنجزت في القصر الجمهوري الترتيبات لعقد الجلسة الاولى للحكومة الجديدة اليوم، بعد انقطاع مثل هذه الجلسات لفترة استمرت 13 شهراً، وتحديداً منذ العاشر من آب العام الماضي، تاريخ استقالة حكومة مواجهة التحدّيات برئاسة الدكتور حسان دياب. بحيث لم تُعقد خلالها أي جلسة للحكومة لا في قصر بعبدا ولا في السرايا الحكومية.
وقبيل هذه الجلسة، سينضمّ رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الحادية عشرة إلا خمس دقائق ليشارك في الصورة التذكارية التي ستُتخذ على درج الحديقة الخلفية للقصر الجمهوري، قبل انعقاد الجلسة عند الحادية عشرة برئاسة رئيس الجمهورية.
لجنة البيان الوزاري
وفي المعلومات، انّ لجنة وزارية تتراوح بين 6 الى 8 وزراء ستشكّل في الجلسة وتكلّف إعداد البيان الوزاري الذي ستطلب على اساسه هذه الحكومة ثقة المجلس النيابي في اسرع وقت ممكن.
وكشفت مصادر وزارية لـ «الجمهورية»، انّ فريق ميقاتي صاغ مسودة مشروع للبيان الوزاري، ليكون مادة اولية ينطلق منها النقاش لإعداده في اسرع وقت ممكن، وسط اعتقاد أنّ ذلك سيكون ممكناً خلال 10 ايام على الأكثر.
عناوين البيان الوزاري
وفي المعلومات، انّ البيان الوزاري سيكون مختصراً جداً، ويستعير في فصوله الأساسية «خريطة الطريق» التي قالت بها «المبادرة الفرنسية»، لجهة الحديث عن أولويات مواجهة حاجات الشعب اللبناني الى المحروقات والادوية والخبز، وسبل مواجهتها، بما فيها الخطوات اللازمة لمواجهة تداعيات رفع الدعم المنتظر في الايام القليلة المقبلة.
كذلك سيتناول البيان الوزاري الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والنقدية، انطلاقاً من بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والجهات الدائنة والمانحة، وإقرار الاصلاحات المتصلة ببعض مشاريع القوانين، من بينها السعي الى اقرار بعض القوانين المالية، ومنها إحياء الحديث عن قانون «الكابيتال كونترول» وتلك المتصلة بقطاع الطاقة والكهرباء، وفق الخطط المستعجلة التي نوقشت في مؤتمرات باريس وفي زيارة الموفدين الفرنسيين الى بيروت، كما بالنسبة الى مشروع بطاقة «دعم»، وتلك الخاصة ببرنامج الفقر الذي تشرف على إدارته وزارة الشؤون الاجتماعية.
أما في الشق السياسي، فسيركّز البيان على ضرورة السعي الى استعادة الثقة الدولية بلبنان وعلاقاته السابقة وإحياء الديبلوماسية اللبنانية، لإعادة وصل ما انقطع مع الدول العربية والغربية والخليجية ومنها المملكة العربية السعودية تحديداً. اما بالنسبة الى ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» فسيصار الى استنساخها من بياني حكومتي دياب والحريري الأخيرتين كما كانت بنصها الحرفي من دون اي عقدة. مع العلم انّ هذا البند لم يعد يتعرّض لأي انتقاد منذ خروج حزب «الكتائب اللبنانية» من الحكومات المتعاقبة بعد حكومة الرئيس تمام سلام التي شُكلّت قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان بأشهر قليلة، وأدارت فترة الشغور الرئاسي على مدى 29 شهراً، ومن ثم منذ بداية عهد الرئيس عون حتى تشكيل هذه الحكومة.
وفي شق منه، سيشدّد البيان على ضرورة توفير الظروف المالية والادارية والامنية المؤدية الى إجراء الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية المقرّرة في ربيع 2022 . كما سيشدّد على رعاية التحقيقات العدلية الجارية في تفجير مرفأ بيروت واعادة إعماره، وصولاً الى إجراء التشكيلات والمناقلات القضائية في اسرع وقت ممكن، كما بالنسبة الى التشديد على التزام لبنان القرارات الدولية ذات الصلة بالقضايا التي تعني الجنوب ومختلف اختصاصاتها، بما فيها القرار 1701 وضبط الحدود البرية والبحرية والجوية.
“اللواء”: لجنة البيان اليوم: مفاوضات صندوق النقد والانتخابات النيابية
وقبل ان يعلن الرئيس نبيه بري ان الكلمة لدى الحكومة بدءاً من اليوم «العمل المنتج»، كشف الرئيس نجيب ميقاتي، انه قبل، التقاط الصوة التذكارية اليوم في بعبدا، وتشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري، بدأ اجتماعات مع الوزراء لوضع السياسة العامة للحكومة، التي تتوزع بين جملة أولويات اولها: الاقتصاد والمال، وثانيها: أسس التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وثالثها: وضع سياسة خارجية تعيد لبنان إلى حيوية علاقاته مع الدول الصديقة والشقيقة، لا سيما الدول العربية، مشيرا إلى انه لا يمكن الحصول على مساعدات إلا بناء على برنامج واضح المعالم واستثمارات شفافة وواضحة الوجهة».
وأكّد انه لن يسمح لمجلس الوزراء ان يكون ساحة صراع.
وكشف الرئيس نجيب ميقاتي، انه بدأ تواصلاً منذ فترة تكليفه مع الصناديق العربية في سبيل إعادة تفعيل مشاريع الدعم لبنان، ومنها التواصل مع الكويت، «لإعادة احياء قرض ميسر وطويل الأجل لإنجاز خطة الكهرباء وبناء المعامل».
وعلى هذا الصعيد، أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه مع تأليف لجنة صياغة البيان الوزاري في مجلس الوزراء اليوم ،فأن العمل ينصب على اعداد بيان محكم لا يحمل عناوين فضفاضة لأنه يقتصر على خطط تحمل صفة الإنقاذ المالي والمعيشي . ولفتت إلى أن الرئيس ميقاتي أبلغ المعنيين أن هذا البيان لن يتضمن مطولات موضحة أن هناك أفكارا عمل عليها تصلح لأن تكون مسودة بيان وزاري.
وافادت هذه المصادر أن جلسة تعارف تسود اليوم بين الوزراء وقد تتخللها كلمات ترحيبية لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مشيرة إلى ان الطابع البروتوكولي يغلب على أولى اجتماعات الحكومة انطلاقا من الصورة التذكارية.
وعلم من المصادر إن هناك توجها لصياغة البيان بسرعة والعودة به إلى مجلس الوزراء بهدف إقراره وإحالته إلى مجلس النواب.
وقالت أن البيان سيكون محكوما بسقف المعالجات الأوضاع الراهنة ويطلق آلية التفاوض مع صندوق النقد الدولي في اقرب وقت ممكن ويتعهد بأجراء الانتخابات النيابية كما العمل على التأكيد على الإعلانات مع الدول العربية.
ورداً على سؤال عن موضوع رفع الدعم والبطاقة التمويلية، أوضحت المصادر نفسها ان الحكومة ستواكبها، ولذلك هناك توقعات بجلسات حكومية، ستبحث في سلسلة ملفات من هذا القبيل، لا سيما بعد نيلها الثقة من مجلس النواب.
وكشفت مصادر وزارية ان الرئيس ميقاتي باشر مع عدد من الوزراء التحضير للخطوط العريضة للبيان الوزاري للحكومة للمباشرةبدراسته وانجازه بعد تشكيل لجنة البيان الوزاري في الجلسة الاولى لمجلس الوزراء التي ستعقد اليوم في بعبدا بعد التقاط الصورة التذكارية للحكومة.
واشارت المصادر الى ان البيان،سيكون مقتضبا، وليس فصفاضا،ويتضمن السياسة العامة للحكومة والملفات والمواضيع الاساسية التي ستقاربها،خلال فترة تحملها لمسؤولياتها،وفي مقدمتها الالتزام بالعمل بكل الامكانيات المتوافرة وبسرعة لانقاذ لبنان من ازمتة المالية والاقتصادية بدءا، باجراء الاصلاحات المطلوبة في مختلف وزارات وادارات الدولة اللبنانية، وسبل معالجة الازمة المالية والاقتصادية مع الصناديق والمؤسسات المالية الدولية. التأكيد على المباشرة بالنهوض بقطاع الكهرباء، في اطار خطة متكاملة وضمن مهلة محددة. والسياسة الخارجية للحكومة والتأكيد على اقامة افضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة والصديقة في العالم، وتضمين البيان الوزاري نصا متقاربا لما ورد في بيان الحكومة السابقة عن علاقة المقاومة بالدولة اللبنانية، مع التأكيد على دور الجيش اللبناني في الحفاظ على الامن والاستقرار على الاراضي اللبنانية كافة،والالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
تحديات أربع
بالمقابل، تقلّل جهات شاركت في توليد الحكومة مما ينتظر من الحكومة الحالية، في بلد تتقاذفه الأزمات، ويحتاج إلى قرارات جريئة، أو السير في تسويات كبرى.
وتحدثت عن التحديات التي تواجهها حكومة ميقاتي، وأبرزها: 1 – ان ادارة الازمة الاقتصادية او على الاقل المساعدة على عدم تفاقمها اكثر، وابرام اتفاقيات مع الجهات الدولية المانحة بشروط جديدة سيتولاها هذه المرة الثنائي الوطني ولو بشكل غير مباشر.
2: التحضير للانتخابات النيابية عبر اقرار قانون انتخابي جديد، والمعلومات المتداولة تؤكد بانه لا عودة للقانون الانتخابي النسبي على اساس لبنان١٥ دائرة، وهناك مطلب داخلي- دولي باجراء الانتخابات على اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة.
3: اعادة ترتيب العلاقات اللبنانية -السورية من دولة لدولة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، واعادة تفعيل العلاقات اللبنانية- العربية.
4 – التزام الحكومة باستخراج النفط والغاز وابرام اتفاقات مع شركات تستوفي الشروط لتلزيمها.
البنزين اختبار ميداني
وستكون أولى التحديات بدءاً من اليوم مع تدخل فعلي للقوى الأمنية لضبط الوضع على محطات البنزين، التي يمكن ان تفتح أبوابها اليوم، على الرغم مما أعلنه ممثّل الشركات فادي أبو شقرا من ان المحطات لم تزوّد بالبنزين، ومعظمها لن يفتح اليوم، لتزويد السيّارات والآليات بهذه المادة الحيوية، قبل رفع الدعم.
وترسو ثلاث بواخر بالقرب من السواحل اللبنانية، ولا تقل حمولتها عن 70 ألف من البنزين، لا تكفي ليومين، لكن إفراغ الحمولة تحتاج إلى قرار من مصرف لبنان بفتح اعتماد جديد، أو رفع الدعم، بما في ذلك لجهة المازوت أيضاً. مع الإشارة إلى ان الباخرة الإيرانية المحملة بالمازوت، وصلت إلى مرفأ بانياس وسينقل المازوت بالصهاريج إلى لبنان.
إلى ذلك، تتجه الأنظار اليوم إلى ما سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في اطلالته المسائية، حيث افيد ان نصر الله سيتناول في حديثه ما آل إليه الوضع الحكومي لجهة التأليف، حيث سيبارك هذه الخطوة ويحث الحكومة الجديدة على الإسراع في وضع الخطط والبرامج الإنقاذية، ذات الأهم في خطابه وقف المعلومات سيكون إعطاء الإشارة لتحرك الصهاريج المحملة بالمازوت والقادمة من دمشق بعد ان افرغتها الباخرة الإيرانية وهو سيجدد تأكيده بأن توزيع المحروقات لن يستثني أحداً من اللبنانيين.