عقد المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين مؤتمرا صحافيا في مقر النقابية في العدلية أعلن فيه موقف النقابة من “بدء السنة الدراسية وشروط العودة إلى المدارس”.
وتلا النقيب رودولف عبود بيانا استهله بتقديم “التعزية الحارة بفقدان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، العلامة الوطني الباحث والمؤلف والتربوي بامتياز الامام الشيخ عبد الامير قبلان رحمة الله عليه والعزاء لعائلته ولنا ولكل اللبنانيين”، وقال: “في خضم الأزمات الكبرى، نستذكر فقيد النقابة والمعلمين والتربويين ، الامين العام للمجلس التنفيذي الاستاذ وليد جرادي اسكنه الله فسيح جناته”.
وتوجه الى المعلمين والمعلمات: “تحية لكم على صبركم وصمودكم على رغم ما تكبدتموه في العام الدراسي المنصرم. تتفاقم الازمات الاقتصادية والمالية يوماً بعد يوم. ويدفع ثمنها اصحاب الدخل المحدود عموماً، والمعلمون بينهم خصوصاً. وقد دفعت هذه الأزمة غير المسبوقة بآلاف المعلمين الى هجرة القطاع التربوي أو هجرة الوطن بحثا عن فرصة عمل تلبي بعض حاجات العيش الطبيعي”.
وأضاف: “نسمع وعوداً وكلاماً معسولاً من بعض القيمين على المدارس الخاصة، وفي الوقت عينه نقرأ مشاريع قوانين تلغي مكتسبات المعلمين القانونية، يكتب محامو المدارس الذين لا يفقهون شيئا من الإنسانية ولا يعرفون شيئا عن نضالات المعلمين وعرقهم ودموعهم وحتى دمائهم التي ذرفت لتحصيل تلك المكتسبات ولتوفير بعضاً من الحماية لهم. حتى كلامهم المعسول لا قيمة تنفيذية له، لأن قرار المسؤولين المدنيين والدينيين الكبار هو بعدم انصاف المعلمين”.
وتابع: “منذ 4 أعوام، لم نأل جهدا، زملائي وانا، ولم نترك سلطة إلا وحاولنا التحاور معها لإحقاق الحق واسترداد الحقوق المهدورة. كانوا يعدون ويكررون كلامهم الممجوج عن حقوق المعلمين المقدسة، ولكن وعودهم كانت ولا تزال تذهب أدراج الرياح. وسنبقى نحاول ونسعى حتى النهاية لتحصيل الحقوق التي هدرت على ادراج الطمع والانانية وباستهتار غير مسبوق، وخبث في التعامل مع مواضيع حساسة وجوهرية بهذا الحجم.
ولأنهم يتصرفون على أنهم فوق القوانين، ولأن من كان من واجبه ثنيهم عن غيهم وارغامهم على تطبيق القانون قد تواطأ معهم، وتغافل عن أداء دوره، استمروا في مخالفتهم لأبسط المبادئ الإنسانية فنكلوا بالمعلمين حتى بعد نهاية خدمتهم، أو بالأحرى حتى بعد دفعهم بالقوة والبطش الى إنهائها باكراً وحرموا من تقاعد بينهم حقوقه في القانون 46 وفي الدرجات الست، وما زالت المعاناة مستمرة على رغم المحاولات المتكررة والمرهقة لممثلي النقابة في مجلس إدارة صندوقي التعويضات والتقاعد لتصحيح هذا الوضع الشاذ، ولكن من دون الوصول الى نتيجة. نحن نعلم علم اليقين ان عدم تطبيق القانون 46/2017 في صندوق التعويضات وعدم دفع الدرجات الست أجبر المعلمين على اللجوء الى القضاء، وان الاحكام القضائية الصادرة في حق الصندوق ولمصلحة المعلمين اصبحت بالعشرات. وهذه الأحكام تلزم الصندوق تطبيق القانون ودفع الدرجات الست، بالإضافة الى الفوائد ودفع تكاليف الدعوى للمعلم، وهذا ما يكلف الصندوق ضعف المبلغ الذي كان من المفترض قبضه تطبيقا للقانون. وقد ارتضى ممثلو المدارس في مجلس إدارة الصندوقين عن سابق تصور وتصميم ارهاقه واستنزافه بتلك المبالغ الإضافية، والتي تفوق كلفة الدرجات الست، خدمة لغايتهم ولعدم الاعتراف بالدرجات الست، وبالتالي لعدم إعطائها للمعلمين الذين هم في الخدمة الفعلية”.
وقال: “أما في الناحية الصحية، فيعاني صندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة أزمة كبرى في توفير تغطية المعلمين الاستشفائية مع المختبرات والمستشفيات إذ إن الصندوق تعاضدي ويتقاضى اشتراكات المعلمين بالعملة الوطنية وعلى سعر الصرف الرسمي أي 1500 ليرة للدولار، غير أن المستشفيات والمختبرات لم تعد تعترف بالأسعار التي أدرجها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي او وزارة الصحة العامة او تعاونية موظفي الدولة. وفوق ذلك كله، فإن كل مستشفى يختار آلية الدفع الخاصة به، الأمر الذي يعود بالضرر الكبير على صندوق التعاضد وعلى المعلمين. الصندوق يسدد مبالغ إضافية طائلة زيادة عن التعرفة المتفق عليها والمعلم يتكبد مبالغ إضافية فرق التسعيرة المعمول بها للمعدات والمستلزمات الطبية وغيرها من الأمور التي تسعر “بالفريش دولار” وكأن المعلم أضحى متروكا لقدره الأسود مع راتبٍ هزيلٍ غير قانوني خسر ما يفوق ال90% من قيمته الشرائية نتيجة الأزمات المتتالية وعلى أكثر من صعيد”.
وأضاف: “ان نقابة المعلمين في لبنان وبصفتها وصية على صندوق تعاضد افراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة بحسب القانون، ومجلس ادارة الصندوق ومديره، يساعدون في استشفاء المعلمين. ولكن الكلفة المالية للاستشفاء قد تضاعفت على أقل تقدير، لذا نطالب المسؤولين عن صحتنا، بتوفير الدعم المالي بالدولار لاستيراد المستلزمات الطبية التي باتت تشكل مع المستشفيات عبئا كبيرا على الصندوق وعلى المعلمين وعلى الشعب اللبناني عموما”.
وخاطب المعلمين والمعلمات: “ربما من المفيد أن نذكر الجميع، من مسؤولين سياسيين واقتصاديين وماليين وتربويين ودينيين برسالتكم عل ضمائرهم تصحو وتستفيق قبل فوات الأوان:
أنتم من ربيتموهم كلهم.
أنتم من علمتموهم الحرف، ومنهم من كتب ويكتب كل يوم سطور اذلالكم وافقاركم!
أنتم من رفعتم اسم لبنان عاليا في زمن انهيار الاخلاق والقيم.
أنتم الحقيقة في زمن الكذب والإهانة.
أنتم الأمل في زمن الخيبات.
أنتم من استمددنا من عطاءاتكم الطاقة للاستمرار والامل بغدٍ أفضل.
أنتم من تعاليتم عن معاناتكم واكملتم رسالتكم النبيلة، بشتى الطرق التربوية المتاحة.
أنتم من تآكلت رواتبكم امام اعينكم واعينهم، ومن امام حاجات اطفالكم الملحة.
أنتم من عوملتم بإجحاف و”بتربيح جميلة” وحرمتم حقوقكم ومستحقاتكم.
أنتم من عانيتم من الصرف التعسفي مدى سنوات.
لنصل الى ماذا؟
الى محاولات جديدة قديمة لاستمالتكم بعدما شعروا بخطر فقدانكم.
وها هم يستغربون لماذا تتخلون عن أجمل رسالة في الكون فتهجرونها أو تهاجرون هربا من وطن عزيزٍ أضاعوا فيه كرامتكم،الى بلاد تعاملون فيها كما تستحقون.
وها هم يطلبون منكم العودة الى مدارسهم بهدوء، وكأني بهم على كوكب آخر!
وتابع: “لا يا مسؤولي بعض المؤسسات التربوية الخاصة.
لن يعود المعلم ذليلا بمجرد إغداق الوعود عليه من دون أن تتحقق!
لن يعود على آمال انتظرها طيلة 4 سنوات من دون أن تحصل!
لن يعود لمجرد أن تعترفوا بحقوقٍ سلبتموه إياها وما زلتم حتى الآن ترفضون إعطاءه إياها.
لن يعود فقط لأنكم تعدوه بمساعدة هي أشبه بمنة وتسول.
تريدون أن نعود الى التعليم؟ نحن أيضا نريد ذلك. ولكن كيف؟ وفي أي ظروف؟ وعلى أي أسس؟
فلنفند ما تتطلبه هذه العودة من المسؤولين التربويين عن المدارس الخاصة:
– تنفيذ القانون 46 وإعطاء الدرجات الست لجميع المعلمين والاساتذة.
– سداد المتأخرات الناتجة من عدم تطبيق القانون 46 ، وفي حال التوافق بين المعلمين وإدارة مدرستهم، فلن نعارض جدولة تلك المتأخرات.
– تنفيذ القانون 46 وإعطاء الدرجات الست لجميع المعلمين والاساتذة.
– إعطاء حوافز مالية إضافية للمعلمين.
– تطبيق بدل النقل الجديد.
– تطبيق القانون 46 بكامل مندرجاته في صندوق التعويضات والانتهاء من بدعة” الدفعة على الحساب”.
ولنر ما يجب على المسؤولين السياسيين فعله:
– تصحيح الرواتب والأجور طبقا للمؤشر والتضخم الحاصل على أن يشمل المتعاقدين والمتقاعدين على السواء.
– توفير المحروقات اللازمة لعملية الانتقال إلى المدارس عبر قسائم شهرية يستطيع من خلالها الأساتذة والمعلمون شراء البنزين من المحطات أو من خلال تخصيص محطات معينة لهم في المحافظات اللبنانية كافة.
– إصدار البطاقة التمويلية جزءا متمما لتصحيح الرواتب والأجور، على أن تشمل جميع الموظفين وجميع الأساتذة والمعلمين في الملاك والتعاقد إضافة الى المتقاعدين منهم.
– اقرار مشروع قانون الـ500 مليار ليرة لبنانية للتعليم في القطاعين الرسمي والخاص.
– اقرار قانون دعم التلميذ في المدارس الرسمية والخاصة بمليون ليرة لبنانية.
– مستحقات المدارس المجانية والنصف مجانية، المتراكمة منذ أعوام.
– دعم المؤسسات الضامنة وخصوصا صندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتعاونية موظفي الدولة لكي يستمرا في توفير الطبابة والاستشفاء لمنتسبيهم من معلمين وموظفين ومتقاعدين.
– الضغط على مصرف لبنان وجمعية المصارف لتحرير رواتب المعلمين الذين هم في الخدمة ورواتب وتعويضات المعلمين المتقاعدين.
– تأليف الحكومة القادرة على اعادة النهوض بالبلد لتتمكن من القيام بواجباتها الوطنية في ظل هذه الظروف الصعبة.
– لجم الارتفاع الجنوني للدولار وإعادة ما أمكن إعادته من القيمة الشرائية لعملتنا الوطنية والقيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والمالية اللازمة لانتفاء الضائقة المعيشية للمواطن اللبناني”.
وأضاف: “لكل الأسباب التي ذكرناها، ولكل المعاناة التي عرفناها مدى سنوات، وبسبب عدم الإيفاء بالوعود التي قطعها المسؤولون السياسيون والتربويون، وحتى تحقيق مقومات العودة السليمة للتعليم الحضوري، نكرر قرارنا السابق ونعلن مقاطعة التدريس وعدم تلبية أي دعوة أو قرار بالعودة الى التعليم الحضوري في المدارس التي لا تتحقق فيها تلك المقومات”.
وتوجه الى الزميلات والزملاء مجدداً: “لقد وصلت الأزمات الى أقصى حد لها. فلا راتب يغني عن جوع، ولا وقود لوسائل نقلنا من والى المدارس، ولا قدرة لنا على الاستشفاء وعلى شراء الدواء، إن وجد!). لقد حان الوقت لنقف وقفة واحدة ولنصرخ بصوت هادر في وجه كل مستخف برسالتنا، وفي وجه كل مستهتر وغاصب لحقوقنا، وفي وجه كل متخاذل عن إحقاق الحق. لنكن كتلة واحدة وصفا متراصا في وجه الجميع، لنبرهن لهم أن “لا حق يموت ووراءه مطالب”.
وختم: “فلنلب دعوة هيئة التنسيق النقابية إلى يوم الغضب والاستنكار لحال الذل والهوان التي يعيشها الشعب اللبناني عموما والقطاعات التربوية خصوصا، ولنحضر للاعتصام المركزي الساعة 11 قبل ظهر الأربعاء 8 ايلول امام وزارة التربية والتعليم العالي”.