كانت “سما” تلعب في منزلها بأمان كباقي أطفال لبنان في اللحظة التي تبدّلت فيها معالم بيروت وأحلام أطفالها. سما طفلة لا تفهم من الزلزال الذي هزّ مدينة بيروت سوى ما نتج عنه من خوف وكوابيس ولحظات رعب لم تشهد مثلها في سنواتها الخمس. اليوم، عادت سما تلعب بلعبتها المفضلة، علّ براءتها تمكّنها من محو لحظات الخوف التي عاشتها من الذاكرة. لكن قبل الانفجار ليس كما قبله بالنسبة لها أيضاً، ففي انفجار مرفأ بيروت خسرت الجميلة سما النظر في عينها.
تنتظر عائلة سما اليوم بصيص أمل من آراء طبية أخرى تجد احتمالاً لإنقاذ عين سما التي لم تعد ترى فيها بعد الانفجار المروّع. في لحظة الإنفجار بحسب ما يخبر والدها، كانت سما تلعب في المنزل عندما سمعت العائلة الهدير الأول الأشبه بالطيران. “عندما سمعنا الإنفجار الأول ارتمت والدة سما عليها لتحميها من أي أذى، ودوّى بعد لحظات الإنفجار الثاني ووقعت الكارثة وتطاير الزجاج في كل مكان. كانت لحظات مرعبة لنا لم تصب سما بأذى في جسمها كلّه كما يروي والدها، لكنه رأى مباشرةً النزف من عينها من اللحظة الأولى لكنها لم تكن تبكي أو تتألم. في البداية اعتقد والدا سما أن النزف من فوق عينها وسيتوقف وهي بخير لا تعاني مشكلة حقيقية. لكن سرعان ما لاحظ الوالد تغييراً واضحاً في عينها مقارنةً بالثانية بعد أن ضاق حجم البؤبؤ وشعر أنها فقدت النظر فيها.
نقلت إلى المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية- مستشفى رزق بمساعدة الجيران، ويروي الوالد المشاهد المرعبة في تلك الليلة حيث المصابون مرتمون في كل مكان والصراخ والدم وأجواء التوتر السائدة. في البداية عندما أحضر سما جيران العائلة وضعت في غرفة مكتظة بالمصابين مع ما في ذلك من مشاهد مرعبة لطفلة. لكن مع وصول والدها طلب مباشرةً نقلها إلى غرفة تكون فيها وحدها. “أتفهم أجواء التوتر التي كانت سائدة في المستشفى والارتباك بين الجسم الطبي. لكننا كنا نحترق على ابنتنا وبعد أن عاينها 3 أطباء ووعدوا بإجراء عملية لعينها بعد نصف ساعة، مرت 4 ساعات لم يطل أحد فيها. لذلك انفجرت غضباً مطالباً بتدخل سريع لإجراء العملية. وبعد تدخل أحد أطباء العيون سريعاً مظهراً تفهماً للوضع، أجريت العملية في وقت سريع لكن خسرت سما النظر في عينها، بحسب ما أكدت الطبيبة التي أجرت العملية.
أية حلول لإنقاذ عين سما؟
يسعى الوالد جاهداً بحثاً عن بصيص أمل لتستعيد سما النظر في عينها. وقد فكر بإمكان السفر إلى الخارج. علماً أن والد سما سوري الجنسية مقيم في لبنان منذ أكثر من 25 سنة. ويؤكد أنه أياً كانت التكلفة هو مستعد لها نظراً لوقوف العديد إلى جانبه لإنقاذ عين سما، ومنهم السفارة الإماراتية. كما ينوي الأخذ بآراء العديد من الأطباء في مراكز مختلفة في لبنان متخصصة في طب العيون علّ أحدهم يعيد الامل إلى قلوبهم. ويشير الوالد إلى أنه رغم صغر سنها سما هي التي تزودهم بالقوة والدعم بدلاً من العكس. فقوتها مصدر القوة لعائلتها بشجاعتها اللافتة. علماً انها حتى اللحظة لا تعرف بانها فقدت القدرة على الرؤية في عينها فأهلها لم يخبروها بذلك. كما أزيلت كافة المرايا من المنزل حتى لا تنظر فيها سما. أما بالنسبة إلى الجروح التي فوق عينها، فقد قيل للعائلة أنه ستجرى لها قطب تجميلية خلال اسابيع قليلة.
تنتظر الآن العائلة المواعيد المقبلة مع اطباء عدة علّ أحدهم يعطيهم بصيص امل حتى يتخذ القرار المناسب بشأنها ولا تنوي ترك أي أحتمال لإنقاذها.
أحلام سما للمستقبل لا تزال كما هي وألعابها أيضاً فتعشق الباربي، كما تقول وتلبسها أجمل الملابس، تماماً كما تعشق هي ارتداء الفساتين الجميلة الزهرية. كما تنتظر بفارغ الصبر أن تدخل إلى المدرسة لتتعلم كما يفعل أخوتها. إلا أنها تجهل حتى الآن الضرر الذي لحق بعينها جراء الانفجار وتنتظر الوقت اللازم حتى تعود الأمور كلّها إلى طبيعتها في حياتها وتعود قدرتها على النظر كالسابق.
المصدر:كارين اليان ضاهر – جريدة النهار