يواصل اللبنانيون لملمة خسائرهم وتضميد جراحهم جراء الانفجار الذي عصف في مرفأ بيروت، الثلاثاء الماضي، وخلف دمارا وخسائر مادية وبشرية فادحة، ومع تصاعد التداعيات السياسية للحدث فإن المشهد الاجتماعي يبدو قاسيا وسط تعرض مئات الآلاف من المواطنين للتشرد والبطالة بفعل الأضرار التي لحقت بمنازلهم والمؤسسات التجارية ومراكز أعمالهم.
وتبرز صورة رجال إطفاء بيروت الذين كانوا سباقين في محاولة إطفاء الحريق فور اشتعاله، غير أن كوكبة منهم كانوا الضحية الأولى بعد انفجار مخزن نترات الأمونيوم، وتطاير أشلائهم، فيما يبدو البحث عن ناجين بينهم أمرا محالا قياسا إلى المعطيات ونتائج البحث الأولية.
وفي نبرة يغلفها حزن شديد تحدث مسؤول العلاقات العامة في فوج إطفاء بيروت، الملازم علي نجم عن التضحية الكبيرة التي دفع ثمنها 10 عناصر من الفوج، وكشف في تصريحات لـ”عربي21″، عن اللحظات الأخيرة في حياة المجموعة التي تحركت بعد وصول بلاغ عن وجود حريق في إحدى مستودعات مرفأ بيروت.
ونوه بأن “المجموعة تحركت إلى مكان الحريق من دون علمها بمحتوى المستودع، موضحا: “لغاية الآن لدينا أربعة شهداء هم المسعفة سحر يوسف التي كانت على موعد مع زفافها بعد أيام والرقيب إلياس خزامي ورامي الكعكي وجو نون فيما نعد باقي أفراد المجموعة في عداد المفقودين وليس في عداد الشهداء”، آملا أن تسفر عمليات البحث عن العثور على أحياء.
وتواصل الموقع مع عائلة سحر فارس وكانت الغصة عنوان الحديث المقتضب لوالدتها التي لا تستطيع استيعاب هول الفاجعة التي ألمت بها، فيما تحدث أحد أقاربها عن حالة “صدمة وذهول تعيشها العائلة، التي كانت تنتظر لحظة زفافها، والتي تقول إنها “استبدلت بعرسها عرسا آخر وهو الشهادة“.
وبدوره شدد نجم على أن التواصل قائم مع أهالي العناصر المفقودين، لكنه أقر بأن الظرف الراهن صعب لأننا نجهل مصيرهم لغاية الآن.
وعن احتمالية توقف عملية البحث في الفترة المقبلة، قال: “ما دام هناك مفقودون فإن عمليات البحث ستتواصل ولن تتوقف بالتعاون مع كل الأجهزة العاملة، ولن نفقد الأمل”، مشيرا الى أن “عمليات البحث تسير ببطء تحسبا من ضياع أشلاء الضحايا بين الركام“.
وعن الجهة التي أعطت التكليف للمجموعة من دون إعطائها الإرشادات اللازمة حول طبيعة المكان الذي تشتعل فيه النيران، خصوصا أن فوجا خاصا للإطفاء يتواجد في المرفأ، قال: “يعمل فوج الإطفاء بناء على تعليمات واضحة لجهة التحرك فور وصول بلاغ عن وجود حريق، وعلى الرغم من وجود وحدة إطفاء في المرفأ إلا أن الواجب يقتضي منا التحرك لإطفاء أي حريق يندلع في مرفأ بيروت كون مقرنا لا يبتعد عن المرفأ سوى دقيقتين“.
وأضاف نجم: “تحركت المجموعة بعد وصول بلاغ عن وجود حريق وقد أظهرت الصور الأولية المأخوذة من المكان محاولة رجالنا فتح المخزن برفقة رجل مدني، ولو كان الفريق يدرك محتوى المخزن لكان قرر الانسحاب فورا، مع الإشارة الى أن المجموعة طلبت دعما من غرفة عمليات الطوارئ“.
وكشف عن أن “طلب الدعم من الفريق المتواجد في المرفأ حينها أنقذ عشرات رجال الإطفاء من الموت المحتم حيث إننا قرعنا جرس الإنذار فاتجه العناصر كافة للتجهز والانطلاق نحو مكان الحريق وحينها حدث الانفجار وانهارت جدران المركز ولحقت به أضرار كبيرة، ولولا خلوه من العناصر لكانت الخسائر فادحة في صفوف عناصرنا“.