يوسف جابر / العهد
بات حاكم المصرف المركزي رياض سلامة المتحكم الأوحد برقاب العباد، فبيده البتُّ بصرف الاعتمادات المتعلقة بأكثر حاجات المواطنين إلحاحًا، من المحروقات إلى فيول الكهرباء وصولًا إلى الأدوية ولقاحات الأطفال.
ومع تفاقم الأزمة المعيشية في لبنان، تتصدّر أزمة الدواء المشهد. أصحاب المهنة يشكون من هذه المشكلة أكثر من المواطنين. إن كان المواطن يحمل همَّ تأمين دواء أحد أفراد عائلته، فإنَّ الصيدلي يحمل همَّ جميع المرضى، يسمع بكاء أناسٍ تطلب دواءً لذويها أو أولادها، وأنين من يأتيه متألمًا باحثًا عن ترياقٍ بين تلك الرفوف الفارغة.
الصيدلاني طارق يحفوفي (صاحب صيدلية المطار- طريق المطار) يؤكِّد لموقع “العهد الإخباري” أنَّ هناك الكثير من الأدوية لأمراضٍ مُزمنة لا بديل لها مقطوعة (الضغط والسكري والقلب..)، موضحًا أنَّه إذا وُجدت علبة يكون هناك 5 يطلبونها.
وأشار يحفوفي إلى أنَّ أساس المشكلة هو عند مصرف لبنان، فهو لا يصرف اعتمادات الدواء للمستوردين، ولا يمكنك لوم الوكيل الذي يستورد دواءً بمبلغٍ قرابة المليوني دولار، بينما الصيادلة يدفعون بالليرة اللبنانية، مبينًا أنَّه مع الحديث عن رفع الدعم وعدم صرف الاعتمادات يضطر المستورد للتقنين في توزيع الدواء.
وفي الوقت نفسه، سأل “ما معيار التقنين لدى هذه الشركات المُستوردة؟”، مضيفًا “إذا كان التقنين أخلاقياً فما كان يجب أن نصل إلى هذه المرحلة من فقدان الأدوية الأساسية، وأما إن كان ربحيًا فستبحث هذه الشركات عن تخزين الدواء”.
يحفوفي لفت لـ “العهد” إلى أنَّ الأزمة تمتد من الوكيل إلى المواطنين، الذين يعمل بعضهم على شراء كميات من الدواء إما لتخزينها أو التجارة بها، وتابع “علاج السرطان يتألف من 23 إبرة كلفتها 92 مليون ليرة في لبنان، بينما في أوروبا الإبرة الواحدة سعرها ألفا يورو، ما يجعل المتاجرة بأدوية الأمراض المُزمنة مُربحة جدًا لمن يمتهنون شراء الدواء لبيعه”.
وحول دور الصيادلة، رأى أنَّ ما كان يجب فعله لم يعد قابلًا للتحقيق، لأن ضبط عملية الشراء سيحتاج لشبكة بين وزارة الصحة والموزِّعين والصيدليات إلى المواطنين، ليُعرف كل مستودع وصيدلية أين يذهب بالأدوية ويُكتشف المواطن الذي يُحاول شراء أكثر من الكمية التي تلزمه.
من جهتها، الصيدلانية لينا حرب (صاحبة صيدلية لينا – برج البراجنة) تحكي لموقع “العهد الإخباري” معاناةً يوميةً تواجها، قائلةً “في الضاحية الجنوبية لبيروت يلجأ إلينا الموطنون كبديلٍ عن الطبيب لمعالجتهم ويطلبون الضروري من الوصفة الطبية حسب إمكانياتهم، ولكن الأمر أصعب اليوم، فالرفوف فارغة ولا نستطيع تلبية المرضى”.
وأضافت حرب “لم نعد صيادلة.. بقي لدينا فقط القليل من المضادات الحيوية وأدوية السعال وبعض المعقمات والأدوات التجميلية، حتى بتنا نبحث عن الأدوية لأطفالنا وآبائنا”.
وشكت لـ “العهد” من التوزيع غير العادل شهريًا حيث تتسلم كميات من الدواء بينما الصيدليات الصغيرة تتسلم علبة شهريًا، في وقتٍ تفتح الصيدليات أبوابها لتسديد قروضها وتأمين لقمة العيش لأطفالها كونه لا مدخول آخر لديها.
إلى ذلك، نعت حرب مهنة الصيدلة، ذاكرةً أنَّ الصيدليات لم تعد تعتمد على الدواء في عملية البيع، وبعد أن كان ربحها 35% بات الربح زهيدًا، ومهمتنا طيلة النهار أن نقول “ما في ما في”.