د نادر عجمي
قد تكون هجرة الكتابة سببها الهجرة التي نعيشها يومياً بين حقيقة ما تضج به عقولنا وما تلهج به قلوبنا وتعج به همومنا وما تسبح به احلامنا ، فبين العقل والقلب والاحلام خط واحد واساسي هو الواقع الذي يفرض نفسه لنوائم بينهم بإتزان وهنا تكمن الحكمة لنَحكم ونُحَكم ما علينا قوله وفعله في هذا الواقع وان كان مريراً وصعباً لكن لا بد من قوله وكتابته.
إن انتخابات ايران قد تفتح افق جديد لحلحلة بعض الملفات العالقة في المنطقة، ومن المتوقع ان يسير اتفاق فينا بعد فترة وفق الاطر المرسومة ، فالتأخير كان بعزم ايراني لخوض الانتخابات الرئاسية وتحييد نتائج الاتفاق من الاستثمار السياسي الداخلي لمصلحة احد الاطراف.
التواصل الايراني _ السعودي على حاله بايقاع بطيء ريثما تحط الانتخابات رحالها ويستلم الرئيس المنتخب مهامه لكن المؤكد اننا امام انفراجات اقليمية نسبية في اكثر من ملف.
ما يريده السعودي هو مساعدته بحل ورطته في اليمن وطلب ذلك بشكل صريح، عندها قد يتنازل السعودي عن التعطيل والحصار للبنان وهذا رهن جلسات التفاوض التي لم تقارب بعد الملفات بشكل دقيق والانتظار سيد الموقف لحين استئناف اللقاءات.
هناك اعتقاد لدى البعض بأن لبنان سيكون من حصة دول المحور بالعناوين الاستراتيجية وهذا ما يخيف ويحبس انفاسهم. ان واقع الحال باقٍ على ما هو عليه، ازمات متتالية على كل الصعد المالية والمعيشية والاقتصادية والصحية ولا حلول قريبة.
لغاية اللحظة انه لا قرار دولي او إقليمي بالوصول في الانهيار الى حد الاقتتال فهذه الازمات ستنال من الناس ولقمة عيشهم وسكينتهم فلا حديد ولا نار ولا دماء.
ان الدول الكبرى والمؤثرة مشغولة بأمورها واوضاعها ومنها من يريد لبنان كجزء من فكفكة مشاكلها الاقليمية ،فلغاية اللحظة الحل الخارجي غير متاح والحل الداخلي متعذر.
ان تحرك بعض الدول الاوروبية لدعم المؤسسات العسكرية وخاصة الجيش اللبناني دون غيره وحجب هذا الدعم عن الحكومة والقطاعات الاخرى هو دليل وقناعة منها بأن الازمة طويلة ولا حلول في الافق المنظور وعليه يجب المحافظة على مؤسسة الجيش وما تبقى من الاجهزة .
ان التيار الوطني الحر يقود معركته حتى النهاية ويعتبر انها فرصته الوحيدة من اجل الضغط للحل الشامل والكامل لكل القضايا العالقة بينه وبين الحلفاء والخصوم وبين الغرب والشرق سعياً منه لوضع كل الملفات على الطاولة ، وهو يستند الى قاعدة ان “القوي في ربعه لا تقتله شدة “، فاللعبة هي ذاتها قبل الحرب الاهلية واثنائها وبعدها ” العصب الطائفي”، فلا تسهيل ولا تجزئة ولا حكومة، فمعركتنا معركة المسيحيين وهي تشدهم الينا وهم متراسنا الاخير ، وان غداً لناظره قريب ولو لنهاية العهد حتماً.
نجح الكباش الطائفي بين رأسي السلطة التنفيذية في شد العصب الطائفي حول الرئيس المكلف واعاد احياءه سياسياً من جديد ، وهو يطمح في افضل الاحوال الى حكومة مهمة تنظم الخلاف وتجمد الانهيار في نقطة منه وتنفذ الانتخابات النيابية في موعدها وتعيده الى سدة الرئاسة من جديد.
ان الضرب السياسي برئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر ومحاصرته رغم اخطائهم الكثيرة سيؤدي الى تقدم وتصدر جعجع لحمل الراية المسيحية لانه الاقوى من بعده ، وهذا ما يحذر وينبه منه مراقبون الذين ينصحون بتبريد خط عين التينة_ بعبدا.
الناس لم تعد مهتمة كثيراً للصراع السياسي الحاصل بقدر اهتمامها بتأمين حاجاتها اليومية ، ورغم كل الازمات فالنقاشات الداخلية في اروقة الزعماء هو على موجة ما ستكون عليه قوتهم في الانتخابات المقبلة وكانهم في انفصال وانفصام عن الناس والواقع او لاعتقادهم ان الناس ستذهب وتعيد انتخابهم من جديد فاللعبة الطائفية والمذهبية فعلت فعلتها واكثر.
في الايام القادمة من المتوقع ان الكل سيشد تصعيداً بالخطاب والاداء وسيواكبه الدولار طلوعاً ، والمحروقات انقطاعاً ، والدواء اختفاءً، وان لا شيء شادد في الهبوط سوى المواطن المسحوق الذي لن يبقوا له الا الانسياق لتجديد الوكالة لهم او شد احزمته والركوب بطائرة صعوداً الى وطن اخر او وطن ابدي فيه الراحة والاستراحة الابدية.