لبنان- محمد درويش :
إحتفاءً بمناسبة عيد المقاومة والتحرير وإبتهاجاً بالنصر المؤزّر الذي سطّر في معركة سيف القدس ، أقام حزب الله مراسم إعادة تجسيد مشهد اقتحام الأهالي لقرى قضاء بنت جبيل عام 2000 انطلاقاً من معبر بلدة بيت ياحون. كما اقام المراسم في البياضة جنوب صور.
بداية، تجمّع الأهالي بسياراتهم ودراجاتهم النارية عند مدخل بلدة بيت ياحون رافعين الأعلام اللبنانية ورايات حزب الله، يتقدمهم شاحنة ضخمة تبث أناشيد المقاومة والتحرير، ومن ثم تقدموا باتجاه حاجز الجيش اللبناني عند مدخل بيت ياحون، حيث قدموا لعناصره الورود ممزوجة بتحية محبة وتقدير لما يبذلوه في خدمة الوطن، وذلك بالتزامن مع النشيد الوطني اللبناني، ليقتحموا بعد ذلك معبر بيت ياحون، محطمين بوابة حديدية، كما أحرقوا العلم الإسرائيلي، ورفعوا الأعلام اللبنانية ورايات حزب الله على ما كان يعرف بالموقع العسكري الإسرائيلي هناك.
ومن ثم توجهوا إلى بلدة كونين فمنطقة صف الهوا، حيث استقبلهم الأهالي بنثر الورود والأرز في مشهد مشابه لأيام التحرير عام 2000 بعد مرور موكبهم فوق علم ضخم للكيان الغاصب ودوسه بأقدامهم، ومن هناك، توجهوا إلى مدينة بنت جبيل، حيث أحرقوا في ساحة السوق التجاري مجسماً لشعار الكيان الإسرائيلي كُتب عليه “أوهن من بيت العنكبوت”، لينطلقوا بعد ذلك باتجاه حديقة مارون الراس، حيث اختتمت المسيرة هناك بمراسم قسم أدته ثلة من المجاهدين بالسير على نهج الجهاد والمقاومة، وأطلقت البالونات الهوائية في سماء المنطقة بألوان العلم الفلسطيني، ليلقي بعد ذلك النائب في البرلمان اللبناني السيد حسن فضل الله كلمة قال فيها في مثل هذه الأيام كانت البداية، بعد أن أضاءت دماء الشهداء ورصاصات المقاومين درب التحرير ليعبر أهل المقاومة إلى هنا إلى قرانا وبيوتنا وحقولنا ويحرروا الأرض ويستعيدوا الكرامة، ليبدأ زمن الانتصارات من 25 أيار عام 2000 إلى 14 آب 2006 إلى انتصار القدس من غزة بصاروخ مقاوم ودم طفل شهيد.
وأضاف إن طريقاً واحداً سلكناه حقق ويحقق لنا التحرير والحماية والأمن والاستقرار، فيما سلك آخرون طرقاً أخرى، فتاهوا وارتموا بأحضان العدو أذلاء، مشيراً إلى أننا نحيي اليوم عيد المقاومة من على الحدود من مارون الراس مع كل الآتين من قرى قضاء بنت جبيل في هذه المراسم المعّبرة عن مسيرة التحرير.
وأكد أن المقاومة بإمكانياتها وتضحياتها مع شعبها صنعت معادلات جديدة، واحد من عناوينها أن الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة تردع العدو وتحمي المقدسات، وإن كان هذا العدو بعد هزيمته في غزة يقوم بممارسات ضد المسجد الأقصى للتغطية على هذه الهزيمة، وإن المقاومة في لبنان بجهوزيتها وصواريخها وحكمة قيادتها تحمي أرضنا وقرانا وبيوتنا، وتمنع العدو من استباحة هذه الحدود، وهو الذي صار يخشى حتى من هتاف مدني متضامن مع فلسطين.
ولفت أن هذه القرى الحدودية لم تعد تنام على خوف وتستيقظ على دموع، بل تنام ملء جفونها وعيون العدو قلقة من صوت معول ومحراث مزارع ومفرقعات الأطفال.
وقال ان لبنان وصل إلى هذا المستوى في مواجهة العدو، وصار اسمه يقض مضاجع إسرائيل، وصلنا إلى هذا المصاف، ولكن هناك من أراد أن يصيب بلدنا من داخله، مستفيداً من عوامل داخلية، بما فيها الأزمات المالية والاقتصادية والسياسية.
وشدد على أننا قادرون أن نواجه الخارج المعتدي علينا، ولكن في المعادلة الداخلية الأمور مختلفة، هناك دائما من يطرح علينا سؤالا أنتم الذين تصنعون المعادلات في لبنان والمنطقة لا تستطيعون معالجة الوضع الداخلي؛ هذه مقايسة خاطئة، ففي الداخل المعادلة مختلفة، ولأنها معادلة داخلية حساباتها مختلفة، ومرتبطة بتركيبة لبنان وتنوعه وطبيعة نظامه السياسي، وأداؤنا فيه قائم على قاعدة تقريب المسافات وإيجاد التفاهمات والتلاقي والسلام الداخلي، فلبنان يحتاج للخروج من أزمته الحالية إلى تقديم تنازلات بين الأفرقاء، والكل حينها سيكون رابحاً، فالتنازل لمصلحة البلد وشعبه.
وشدد على أننا نحتاج في لبنان إلى من يرتقي إلى مستوى تضحيات شعبه في مواجهة أعدائه، فهذا الشعب الذي يعيش بكرامة في مواجهة أعداء الخارج عندما يأتي إلى القضايا الداخلية يعيش الألم والمعاناة ويحتاج إلى من يبلسم جراحه.
وختم : كانت دعوتنا واضحة للجميع بضرورة الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة وفق الأصول، والتي تشكل مفتاحاً للحلول، وقمنا بالكثير في هذا المجال، بل قمنا بكل ما نقتنع أنه يسهم في المعالجة، وندعو لاستمرار السعي الحثيث، وقد قالت كل جهة ما لديها من مواقف، فلنضع السجالات والتحديات والاستفزازات جانباً، ونفتح النوافذ والتجاوب مع المساعي المبذولة أو التي ستبذل من قبل الحريصين، كي لا يضيع المزيد من الوقت على بلدنا.
وأقام حزب الله مراسم إعادة تجسيد مشهد اقتحام الأهالي لقرى الشريط الحدودي عام 2000 انطلاقاً من معبر الحمرا عند مثلث المنصوري-البياضة.
بداية، تجمّع الأهالي عند مدخل معبر الحمرا رافعين الأعلام اللبنانية ورايات حزب الله، يتقدمهم شاحنة ضخمة تبث أناشيد المقاومة والتحرير، ومن ثم تقدموا بسياراتهم ودراجاتهم النارية ليحطموا بوابة حديدية تحمل شعار الكيان الصهيوني، وتوجهوا بعد ذلك نحو بلدة الناقورة، حيث أقيم في ختام المراسم، كلمة النائب حسين جشي، الذي قال إننا في ذكرى عيد المقاومة والتحرير والانتصار، نقف اليوم على مقربة من العدو الصهيوني الخائب والمنهزم والقلق على مصيره، لنجدد العهد لأبطال المقاومة الإسلامية وسائر المقاومين الشرفاء “صناع النصر”، فهؤلاء الرجال الرجال أحلامنا وآمالنا وقمحنا والمطر، فلهاماتهم الشامخة ينحني الغار، ولجباههم العريضة كل النياشين والأوسمة، فهم يلفحون جنود الغزاة بشمس عزيمتهم ونار بأسهم، ويطاردون فلوله فوق كل تلة وعند كل منحدر، ليفرّ العدو خائفاً مذعوراً في العام 2000 يجر أذيال الخيبة والهزيمة التي لم يتعودها في تاريخ وجوده المصطنع، لتشرق شمس الكرامة، ويغني الرعد والوعد والخيبر، أغنية الفتح المبين.
وقال ها هي فلسطين الأبية وغزة العزة تضرب من جديد أعمدة هذا الكيان المتهالك والهجين، وتسجل نصراً استراتيجياً حاسماً، وتفتح للقدس بوابة نحو السماء، وتحول أيار من شهر النكبة إلى شهر الانتصار، فما بين أيار عام 2000 وأيار عام 2021، أمجاد كتبها المقاومون بأحرف من نور ودماء، فامتزجت فيها التضحيات والآلام، لتنتهي إلى فرح يغمر كيان الأمة وأحرار العالم، حيث كان النصر عزيزاً وقوياً ومدوياً في صفحات التاريخ.
وأكد أن العدو لم ولن ينسى تاريخ 21 أيار عام 2000 أول أيام انتصار لبنان واندحاره ذليلاً بلا قيد أو شرط، فجاءه 21 أيار عام 2021 تاريخ انتصار القدس وغزة وكل فلسطين، فكان ضربة قاصمة أعادت ترسيخ وتثبيت خطاب التحرير لسماحة الأمين العام لحزب الله بقوله “بأن إسرائيل هي أوهن من بيت العنكبوت”.
ورأى أن لا الجدل الإسرائيلي الداخلي، ولا لجان التحقيق، ولا تقاذف المسؤوليات بين قادة العدو، سيمنع من تهاوي هذا الكيان الخاسر، ولن ينفع في ترميم قدرة الردع والعدوان لديه، وعليه، فإن ما كُتب أيام التحرير عام 2000، وأعيد صياغته بصليات صواريخ غزة، وهبّة القدس، ومواجهات الضفة، وانتفاضة أهالي الـ48، يؤكد المسار الانحداري لهذا الكيان، وفي هذا المورد، يأتي كلام الإمام القائد علي الخامنئي ، “إن الخط البياني الانحداري باتجاه زوال العدو الصهيوني قد بدأ وسوف لن يتوقف”،
لافتاً إلى أن انتصار المقاومة في معركة تصفية الحساب عام 1993، وكذلك في معركة عناقيد الغضب في نيسان من العام 1996 وما نتج عنه تفاهم نيسان، أسسوا للانتصار عام 2000.
وأكد أن الانتصارات التي حققها المقاومون الغيارى في غزة في الأعوام 2008 و2012 و2014، ثم الانتصار بالأمس في غزة وكل فلسطين، سيؤسسوا للنصر النهائي القادم، وسنصلي جميعاً في القدس وعما قريب إن شاء الله تعالى.
وشدد على أن معركة “سيف القدس” غيّرت المعادلات، وما بعدها ليس كما قبلها، فهي وحّدت الشعب الفلسطيني والأمة حول القدس وخيار المقاومة، وأسقطت ما سمي بصفقة القرن، وأسقطت والتعايش مع هذا العدو، وفضحت اللاهثين للاتفاق مع الصهاينة والمطبعين الجبناء، وبهذا الانتصار العظيم، بان عُقم السياسية الملتوية ومداهنة أميركا والدول الغربية بذريعة حماية الشعب الفلسطيني، وعليه، فإن كل المؤتمرات والاتفاقات مع العدو الإسرائيلي لم تحمِ فلسطين والقدس ولا الشعب الفلسطيني، وإنما المقاومة في غزة، والمواجهات في الضفة الغربية، والمنتفضون في أراضي الـ48، والمرابطون في بيت المقدس، هم من حمى فلسطين والقدس وشعب فلسطين.
وقال إننا وإذ نبارك اليوم للأخوة في فلسطين هذا الانتصار العظيم، فإننا ندعوهم إلى مزيد من وحدة الكلمة والصف، والتمسك بخيار المقاومة كخيار وحيد لتحرير كامل التراب الفلسطيني، وإلغاء كل أشكال التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، لأنه لا يفهم إلاّ لغة واحدة، وهي لغة القوة، حيث لا مكان في فكره وسلوكه لأية قيم أو مبادئ أخلاقية وإنسانية.
وشدد النائب جشي على أن وطننا العزيز لبنان يستحق منا كل التضحيات، وهو يعيش اليوم أزمات عديدة على المستويات السياسية والاقتصادية والنقدية والمعيشية، وبالتالي، فإن المدخل الطبيعي للمعالجة هو تشكيل حكومة فاعلة وقادرة، وتحوز على ثقة اللبنانيين عبر المجلس النيابي، وإن المناكفات وشدّ الحبال وتسجيل النقاط بحق بعضنا البعض، لا يخدم الوطن ولا المواطنين.
إننا نهيب بالمعنيين بتشكيل الحكومة التعاون والتنازل وبذل ما يمكن من أجل البدء بالخروج من هذا النفق المظلم، وهذا أمر ممكن ومتاح، وليس غريباً على اللبنانيين، فقد رأينا معظم اللبنانيين بتماسكهم وتعاطفهم في مواجهة محنٍ سابقة، ونذكر منها المشهد المضيء والمشرق في مواجهة العدوان الإسرائيلي عام 2006، حيث كان لكل فريق من اللبنانيين دوره في المعركة، وخرج لبنان حينها منتصراً وموحداً ومرفوع الرأس، وعليه، فإن من يبذل الدماء والمُهج من أجل لبنان، لن يبخل بأقل من ذلك، ونأمل أن يكون لنا في هبّة القدس أسوة حسنة، لننهض جميعاً يداً واحدة لإنقاذ لبنان واللبنانيين بعيداً عن الحسابات الضيقة والخاصة.