بالأمس الجنوب.. وغدًا فلسطين‎

ليلى عماشا / العهد

على وقع اليوم الفلسطيني، يعود الأمس الجنوبيّ فواحًا بشذا التحرير.. والمجدُ الذي تكوّر شمسًا أشرقت في أيار ٢٠٠٠ ليعلن بداية عصر الهزيمة الصهيونية، حلّت  ظهيرته فوق غزة العزّ المقاوم في أيار ٢٠٢١، فاقتربنا أكثر فأكثر من غدنا الخالي من “إسرائيل”..

أعراسُ النصر قامت، وجالت زغاريد أهل القرى العامليّة في كلّ البيوت وفي الشوارع..
 ٢١ عامًا وما زال الصدى يردّد ونردّد معه بلهجةٍ جنوبية ساحرة: “الحمدلله لي تحرّرنا”. وبحِمى الله ورجاله نحيي العرس المجيد والذاكرة التي حوت العيد وما قبله وما تلاه، كي نستعيد لحظات الفرح المخضّب بالدّمع ونعود برهة إلى أيام عشناها قصّة قصّة، ونحكي لمن لم يعشها عن حجر الأساس في بنيان الحرية العظيم: عن نوّار الذي رفعنا إلى قمم العزّة ولقننا المجد كجيل شهد التحرير، وفي كنفه تشكّل وعيه وفي حِمى رجاله عاش النصر تلو النصر..

نعود إلى أيار ٢٠٠٠، إلى بوابة القنطرة.. إلى كلّ القرى التي كانت محاطة بالأسلاك الشائكة وبالقهر.. نمرّ فوق ما كان “معابر” يتحكم بها العملاء بإمرة سيّدهم الصهيوني.. ونمرّ على معتقل الخيام وسائر مراكز الترهيب اللحدي.. ثم نقف قبالة فلسطين لنصرخ بكلّ ما فينا من يقين: “غدًا فلسطين..”
بالأمس القنطرة، وغدنا الجليل محرّرًا..
وبالأمس نُثر الورد على العائدين في بنت جبيل، وفي الغد سنسير في نابلس والورد دليلنا..
وبالأمس عبرنا صفوف الدمع والزغاريد في عيترون وميس الجبل، ونتجهز لعبور صفوف مشابهة في جنين ويافا..
وبالأمس نظرنا من أعالي مارون الراس إلى المدى الفلسطينيّ الأخاذ، وغدًا من الخليل  وبئر السبع سننظر إلى المدى السماويّ الحافل بالشهداء..
بالأمس بكينا فرح العودة منصورين إلى قرانا، وطبعنا أرواحنا قُبلاً على التراب وعلى الأعتاب، وغدًا.. ستسجد الروح في القدس لترفع الحمد شهيقًا يحكي كلّ ما جرى..

عادت ذاكرة التحرير إلينا بكلّ تفاصيلها، بل عدنا إليها وبحوزتنا حكايات تلتها ونتجت عنها.. لنخبر العالم كلّه، من ناصر الحقّ ومن عاداه، أن هذه الأرض المطهّرة بعرق أهلها ودم أحبّتها دائمًا على حق.. أنّها لم تعترف يومًا بوهم الحدود وأنّها الدار التي ستبقى الأفراح فيها عامرة ما دامت بحمى رجال يرمي الله بأيديهم ويقولون للنصر كُن فيكون.