البيوت تتحوّل الى مستودعات غذائية.. هل هذا مُبرَّر وآمن؟

خاص العهد /لطيفة الحسيني

مشهد التسوّق في لبنان بات كارثيًا. “رحلة” التموين المنزلي أضحت صعبة و”قاسية”. مواطنون يتقاطرون لشراء حاجاتهم اليومية، وآخرون يسعون لتأمين كميات من أجل تخزينها لأشهر. المنازل تحوّلت الى مستودعات والمسلسل لا ينفكّ يتكرّر.

للضائقة الاقتصادية التي يمرّ بها البلد وجوهٌ كثيرة، تكفي صور المعارك التي تحصل في التعاونيات والاستهلاكيات من أجل الفوز بمواد غذائية مدعومة وحتى غير مدعومة لتبيانها. الأهمّ حيازة “ذخيرة” مأكل ومشرب ليوم “الحشر” في لبنان.  

المسألة لا تقف عند حدود إفراغ المتاجر من السلع الأساسية. عمليات البيع والشراء تمّت، ولكن السؤال الى أين انتقلت تلك البضائع؟ البعض يستخفّ بما يترتّب على هذه الأساليب، غير أن التدقيق فيما يجري تكديسه في البيوت يُظهر تهوّر اللبنانيين بسلامتهم الصحية وتغافلهم عن مساندة الآخرين وعدم حرمانهم ممّا يحتاجونه.

ولأن تهافت المواطنين على شراء المواد الغذائية بكميات كبيرة خوفًا من ارتفاع أسعارها لا يبدو أنه سيتوقّف، ولا سيّما في ظلّ الحديث عن قرب رفع الدعم عنها، تشرح اختصاصية التغذية والمراقبة الصحية في اتحاد بلديات الضاحية ملاك العنان لموقع “العهد الإخباري” الطريقة الصحيحة لعمليات التخزين، فتُقسّمها في البداية الى قسميْن: المواد الجافة وتلك المثلّجة.

تقول العنان إن الشرط الأوّل لنجاح عملية التخزين هي ابتعاد الغرفة أو المكان حيث يودّ المواطنون الاحتفاظ بما اشتروه، عن الرطوبة والحرارة والشمس فيكون باردًا وجافًا ومُعرّضًا للتهوئة، وتضيف “يجب أن يخلو المخزن من قوارير المياه وألّا يكون الحائط أو الجدار قابلا للتقشير”، وتشير الى أن “درجة حرارة الغرفة أو المكان يجب ألّا تتعدّى الـ21 درجة مئوية”.

بحسب العنان، المطابخ ليست موقعًا مناسبًا لتجميع المواد الغذائية بسبب عوامل الحرارة والرطوبة، وكذلك الحال بالنسبة لشرفات المنازل التي لا تتناسب مع مبدأ الاحتفاظ بالحبوب والطحين وغيره من السلع، لأنها معرّضة للشمس بشكل مباشر والحرّ والغبار والحشرات على الرغم من وجود الستائر.

على صعيد المواد التي تُفرّغ كالسكر والأرز والدقيق، توضح العنان ضرورة وضعها في علب زجاجية وبلاستيكية مُحكمة الإغلاق تحمل رمز “الشوكة والكوب ورقم 5″، حتى تكون آمنة لحفظ “المونة”، أما الزيوت فيكفي أن تكون بعيدة عن الضوء والأشعة.

“تفريز” الحبوب لا يبدو خيارًا صائبًا. هنا تجزم العنان بأن لا حاجة لوضع الأرز والعدس والحمص وحتى المعكرونة في الثلاجة، وتنصح أيضًا بعدم وضع أكياس الدقيق هناك.

وفيما يخصّ الخزائن المخصّصة للطعام، تنبّه العنان الى أهمية انعدام أيّة إمكانية لتسرّب حشرات من زواياها، وتوضح أنه يجب تجريد المواد الغذائية من الكراتين لأنها تستقطب الصراصير والحشرات الصغيرة جدًا.

بالانتقال الى التخزين المبرّد، تلفت العنان الى أن هذه العملية يجب أن تكون منظّمة داخل البراد، ألبان وأجبان في الرفّ الأول، ثمّ توضع المأكولات المطبوخة التي ستُعرّض لحرارة لاحقًا والخضار المغسولة، ثمّ السمك واللحمة والدجاج، والبيض لا يوضع في باب البراد بل في وسطه. أمّا الثلاجة فيجب أن تُقسّم فيها الأطعمة بطريقة واضحة، الخضار الى جانب بعضها بعضا، واللحوم على اختلافها سوية. هنا تُبيّن أن اللحوم والدجاج والأسماك “المفرّزة” يمكنها أن تدوم ما بين 4 أشهر الى 6 أشهر.

وعليه، يُصرّ المواطنون اليوم على التخزين. كلّ ما أمكن شراؤه قابل للتكديس وما يدفعهم أكثر الى هذه “الشراهة” الشحن الصحافي والتهويل بفقدان المواد المدعومة وغير المدعومة قريبًا، أو غلاء أسعارها بشكل جنوني. الحاجة هنا للبضائع لم تعد محركًا، بل الخوف والخشية من غيابها وارتفاع قيمتها فقط. أمام هذا الواقع يرفض رئيس ​نقابة مستوردي المواد الغذائية​ في لبنان ​هاني بحصلي التسليم بما يُروّج. المبالغة الحاصلة ليست حقيقية، فالاستيراد لا يتوقف، وخلوّ الرفوف في التعاونيات لا يستمرّ لأكثر من أيام معدودة، وفق ما يقول لـ”العهد”.

ويطمئن البحصلي أن لا داعي للتهافت على الشراء بهذا الشكل اليوم، وكلّ ما يحكى في الإعلام مخالف للواقع ويعمل فقط على إثارة الخوف لدى المواطنين، ويدعو لتبضّع يقوم على الوعي الصحيح، مؤكدًا أن ليس هناك أي شيء يشير الى أن عبوة الزيت ستُصبح بـ300 ألف ليرة.