صرخة وجع .. الأستاذ المعلّم! بقلم د. محمد حمود.

صرخة الأساتذة لم تعدْ وبائيّة على قدر ما هي اقتصاديّة ومعيشيّة! صرخة الأساتذة ليسَتْ صرخة عودة او عدم عودة، هي صرخة وجع ورواتب ميّتة وحياة قاسية قاتلة تبدّلت في عام واحد من أستاذ مستور إلى أستاذ محتاج وأكثر! صرخة الأساتذة لا تشبه الكثيرين من ذوي البزّات المنمّقة وروّاد المنابر المزخرفة والتصريحات والإنشائيات والقصائد وولائم الساسة! هي صرخة مخنوقة إلى أبعد ما يمكن أن يتصّوره محاضر في الوطنيّة ولغة الضمير! الأساتذة أصحاب ضمير وكفاءة وعطاء وتضحية وليسوا أصحاب تهرّب من المسؤوليّة! الأساتذة هم الذين رفعوا قيمة التربية وخرّجوا مئات الآلاف وعاشوا بصمت، وتقاعد بعضهم بصمت، ومات غيرهم بصمت، من دون منّة الفخامة والمعالي والسيادة!
الأساتذة أحرص من الدولة ومَن فيها على الطلاب وعلى الشهادة الرسميّة! ولكن! منذ متى كانت الدولة تستمع إلى الأستاذ؟ هو في بالهم صاحب يوم واحد في السنة هو عيد المعلم وكفى! هو في بالهم موظف في التعليم الرسمي إنسان لا يُنتج، وفي التعليم الخاص معلّم مغلوب على أمره و(أمرها)! لو كنتم دولة لجعلتم التربية من المكانة الأولى! لو كنتم دولة لسخيتم على الأستاذ أكثر من سخائكم على النائب والوزير والموظف الكلاس وميسوري المكاتب الفخمة! لو كنتم دولة لعرفتم أنّ الدول الناجحة فازت بالتربية! بالمدرسة! بالأستاذ! ووصلَتْ إلى أرقى ما يمكن أن تصل إليه الحضارة! الدولة الفاسدة التي نهب موظفوها الكبار والمدعومون الصغار وحكامها الأشرار مالَها ومَا لَهَا دولة تفكّر ببطنها لا بعقلها وبشهوتها لا بفكرها! أعطوا جميع الأساتذة حقوقهم وحبّة مسك فوقها وخُذوا منهم كلّ شيء! عندما عاش الأستاذ بقبس من نعمة حسَدْتموه! وعندما احتاج النعمة واللقمة قتلتموه! وما دون ذلك تفاصيل وتفاصيل مهما حلّل وغيّر وشرح وعلّل وتباكى وبدّل وتذاكى وفصّل أصحاب الأقوال الكثيرة والأفعال القليلة! وبعد.《د. محمد حمّود》.