النبطية تُسجّل أعلى نسبة غلاء في لبنان: “المصارف تسرق مالنا والمحال تسرقنا بالغلاء كأنهم يقولون لنا جوعوا عالبطيء” (نداء الوطن)

كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:

سجّلت النبطية أعلى نسبة غلاء في لبنان وِفق دراسة أعدّها مركز الاحصاء اللبناني، إذ بلغت 9.9 بالمئة مقارنة مع باقي المدن اللبنانية. أثبتت المنطقة انها الرقم الصعب في الغلاء من دون منازع، ففي حين يتوفر المدعوم في معظم المناطق فهو مفقود داخلها. أما اسعار سلعها الغذائية والخضار فهي نار، والسبب برأي البعض غياب المحاسبة، فالتجار يأكلون لحم الفقراء برضى الزعماء، وهذا ما يبرّر حجم الغلاء الفاحش الذي يسيطر على المنطقة من دون حسيب أو رقيب. أما نواب المنطقة فهم في حلّ من حال الناس الذين يواجهون الحصار الإقتصادي من ناحيتين الغلاء غير المقبول وشحّ السيولة وايقاف البطاقة المصرفية هذا من حيث البيانات… ماذا على أرض الواقع؟

تراجعت القدرة الشرائية للناس الى ما دون الربع مقارنة مع بداية الشهر الحالي، وسجل انخفاض لافت في حركة البيع والشراء في كافة المتاجر. وجاء ذلك على خلفية ارتفاع السلع كافة بشكل جنوني فاق قدرة تحمّل المواطن الذي يعمل، فكيف هو حال العاطل عن العمل؟ يقول احدهم “مش عايش”، فخلف الابواب قصص لا تروى.

بدا لافتاً تراجع حركة السير على الطرقات، ليس بسبب ازمة البنزين المستمرة بخطورة أكبر، ولكن بسبب فقدان السيولة من بين يدي الناس، كذلك الحال بالنسبة للسوبرماركات التي تراجعت حركة البيع فيها الى الربع تقريباً، وهذا مردّه لسببين وفق المعلومات “الأول شحّ السيولة، والثاني ايقاف العمل بالبطاقات الإئتمانية، وهذا دفع بكثر للتوقّف عن الشراء”، اذ تشير المعطيات الى أن “ايقاف العمل بالبطاقات الإئتمانية في مختلف المحال والمتاجر ضيّق الخناق على المواطن الذي يقف بين فكّي كماشة المصارف التي حبست امواله، والمتاجر التي تفضل الـcash على البطاقة، فيما الـcash غير متوفر. ما أثار حفيظة الأهالي وجاء ردّهم “تقليص عملية الشراء كردة فعل منطقية” وِفق ما تقول فداء التي ثار غضبها على ايقاف العمل بالبطاقة المصرفية، بغضب تقول: “مش كافينا الغلاء الا وضيقوا الخناق علينا أكثر، كيف سنشتري ونيسّر أمورنا؟ وتضيف “المصارف تسرق مالنا وتحجبه عنا والمحال تسرقنا بالغلاء كأنهم يقولون لنا جوعوا عالبطيء”.

الأسعار جنونية في مختلف محال النبطية ومنطقتها، وكل ذلك لم يحرّك نواب المنطقة للتدخل، فهم في سبات من حال الناس، حتى “كراتين الاعاشات” لم تسلك طريقها نحو منازل الفقراء، وكله برأي الناس “له حساباته حتماً في صناديق الانتخابات”، ويتساءلون عن سرّ غياب نواب المنطقة وحتى جمعية التجار عن مراقبة الأسعار ووضع حد لجشع التجار، ممّن يسيطرون على السوق بذريعة سعر صرف الدولار، في حين يضعون الأسعار على سعر صرف 16 الف ليرة، اذ سجل سعر كيلو الرز البسمتي في احد المتاجر ارتفاعاً بنسبة 10 آلاف ليرة بفارق يومين فقط، وطالت كل السلع أيضاً، والحجة جاهزة “الدولار عم يلعب” في حين يجري رفع الأسعار بمجرد ارتفاع الدولار، ورفض خفضها ما ان ينخفض، على قاعدة “عم نشتري عالغالي”.

“ما بقى قادرين نتحمّل”، عبارة يردّدها الناس في كل مكان، عند الخضرجي واللحّام، عند الدكنجي والحلونجي وفي السوبرماركت، أما محطّات المحروقات ففصول التلاعب في عدّاداتها امر آخر. بإختصار، “السرقة على عينك يا دولة، طالما حاميها حراميها” وِفق ما يقول عباس. أما السلع المدعومة فإنتهت صلاحية حضورها في المتاجر، كما أشارت مصادر لـ”نداء الوطن”، ما يعني أنّ الأسعار ستحلّق أكثر، والمواطن سيجوع اكثر، والضحية “المعتر”. فكيف يواجه أبناء المنطقة الغلاء؟ وماذا لو تمّ رفع الدعم نهائياً؟ فما هو مصيرهم؟ تتأفّف مريم من سوء الحال، تعجز عن تدبّر أمرها، زوجها خسر عمله قبل عام، وهي فقدت عملها في تنظيف المنازل بسبب “كورونا”، وبالتالي فقدت كل مصدر رزق لها، تتفرّج على الاسعار في السوبرماركت، فالمسافة بينها وبين شراء 5 كيلو سكر تتطلب منها 3 ايام عمل بيومية 30 الف ليرة إن توفر العمل، وإذا لا “ما منقدر نشتري رز لناكل”، تبكي حالها “مين سرقنا، ووصلنا يكون ابسط حلم النا نشتري غالون جلاب، وكيس سكر؟”.