صورة
بقلم د. محمّد حمّود.
وَضَعَتْ صورتَها على الصّفحة الالكترونيّة، وانتظرَتْ…! دقّاتُ قلبها تنبضُ مع كلّ إشارة إعجاب، وتزداد ثقة بنفسها وجمالها مع كلّ تعليق! وبعد ساعة كانت النتيجة مخيبة لها، فالرقم المدوّن أسفل الصورة لم يحقّق النتيجة المرجوّة! بعد ساعات وضَعَتْ صورة أكثر جرأة وإفصَاحًا، فتوالَتْ عليها الاعجابات والقلوب الملوّنة وقصائد الغزل، واخترق العدّاد السّقف المتوقّع! أجابَتْ على التعليقات، خرجَتْ من الصفحة الافتراضيّة، ونامَتْ قريرة العين تسرح في الجُمَل العميقة لأشخاص لا تعرف غالبيّتهم! في اليوم التالي كتَبَتْ حكمة ما اقتبَسَتْها، كان التفاعل قليلًا جدًّا، على عدد أصابع اليدين. ندمَتْ على منشورها الجديد الذي خذَلَهَا وأذهبَ ماء وجه إنجازها السّابق! عاوَدَتْ تنزيل الصور بأشكالها المتعدّدة والجريئة، وهي تظنّ أنّها المتحولقة في النفوس والعقول، قبل أن يسقط الهاتف من يدها وينكسر من دون أنْ يكترث أحد من الأرقام الوفيّة بها! حارَتْ عندما وجدَتْ نفسها وحيدة تائهة من دون شاشة تعرض صورتها، فالمرآة الشخصيّة لن تفي بالغرض ولن تُشبعَ فراغها القديم…!
حبّذا لو تكون القيمة الجماليّة الداخليّة العميقة التي تُفصِحُ عن لغة خاصّة وقيمة خاصّة في ما نكتب أشدّ تأثيرًا في النفوس من الشكل الخارجيّ المتكرّر والمتلوّن والمترافق وموضة تقدير الذات افتراضيًّا! حبّذا لو تكون الأناقة الفكريّة ملاذًا حقيقيًّا في عالم يفتقر إلى الحقيقة والصدق في الرؤية والكثير من المشاعر المزيٍِّفَةِ للواقع، فالكلمة المؤثّرة خيرٌ من الصورة التي تفقد هيبتها والوقت بعد أن تتحوّل إلى مادة تعبير لأقلام 《الذكور》على حساب قيمة الأنثى الوقورة.
حبّذا لو تعلم تلك《الأنثى》أنّ التعليق المُغرِق بالنوايا الدفينة الذي يكتبه《الذكور 》سيبقى محفورًا في ذاكرة الكثيرين، في ذاكرة القادم لها من أيّام، لصالح تأنيب الحبيب لها يومًا، أو تأليب القريب يومًا آخر، وربّما تهمة جاهزة قد تُسقطها بالضربة القاضية المدوَّنَة في عالم يهوى النشر والفضيحة مهما قلّ أو فاضَ معنى ومغزى الكلام فيه! فللوقار جمالٌ لا يُقَاوَم! وبعد.
د. محمّد حمّود.