مِنْ أهم حلول الأزمة الاقتصاديّة المعيشيّة، بعد التقديمات الماديّة والعينيّة المُساعِدَة نسبيًّا، العمل على ترميم النفوس التي تشظّت وانكسَرَتْ! فقد فرضَتْ الأزمة على الناس طلَبَ المعُونة او الاعاشة وحتّى ظرف المال المُتواضع! وفرضَتْ الأزمة على البعض كسْر حاجز الخجل والوجع، بالطلب الدؤوب أو الاتّصال المتكرّر، أو بذْل ماء الوجه من أجل كفاف مؤقّت، وهم يمتلكون من العفّة الكثير، فالتعارك من اجل كيْس سكّر مدعوم، أو وعاء زيت صغير، او إذلال النفس من أجل علبة حليب الأطفال أو الدواء، والوقوف لساعات لتسوّل ليترات من البنزين، وسط تحكم بعض محطّات الوقود ممّن لم يكن أحد يعيرها قبل اهتمامًا، أو تعاونيّة غذائيّة كانت تتصل بالناس وتقيم الحسومات من أجل جذْبهم بسبب قحط الوافدين إليها سابقًا، فباتت تتحكّم بوجعهم وتُقفل وتفتح ساعة تشاء، جلّها أمور لها تبعاتها القاسية على النّفوس! فمَن كان مكتفيًا عزيزًا مستورًا كشفته الأزمة! ومَنْ كان موظّفًا أو عاملًا مستورًا جعَلَتْهُ يُظْهر الكثير من وجع الكلام والنّقد والحقد على دولة تاجرة فاسدة وتاجر فاجر أكثر فسادًا وإفسادًا، ناهيك عن فتات ربح صيارفة الدولار ومَنْ معهم وخلفهم على اختلاف أحجامهم ونواياهم! بلى، لقد بات ترميم النفوس واجبًا باستعادة أموالهم وكرامتهم وحقوقهم واحترامهم مهما كلّفت الأثمان! فليس جميلًا أن يعتاد الكثيرون من الناس على المساعدة التي مهما غلَتْ فإنّها تمسّ الكرامة بقساوة، فالاكتفاء بالحلول الجزئيّة على أهميتها، حلول مؤقتّة وقد تُصبح سيفًا مسلّطًا على رقبة كسْر المجتمع وانهياره إلى اللاعودة! ألف طوبى للأيادي التي قاوَمَتْ وأبدَعَتْ، وساعَدَتْ وسَدَّت فجوة مهمّة من الأزمة المعيشيّة، وتحدّت العالم أجمع لتقف في مكان قد يُخسّرها اجتماعيًّا أكثر ممّا يربحها مهما قدّمَت وفعَلَت وخفّفَت من وطأة آلام العيش كجزء من الحلّ وليس الحلّ! فالبحث الجديّ عن ترميم ما كُسِر من كرامة الناس في المستقبل القريب، سيكون على قدْر أهميّة سدّ الحاجة بإعانة او اعاشة او ظرف أبيض قد يُريح لأيّام او لأشهر قليلة، ولكنّه سيرسّخ الحسرة في النفوس لسنوات، ما لم تُستعادُ الهيبة ويعوّض الصّبر بالنصر والراحة والعيش الكريم! وبعد.