خاص بلدتي من الذاكرة .. عماد قعيق .. كي لا ننسى

منا من يتمنى “الا ليت الشباب يعود يوما”. ومنا من يسأل, عسى شباب تعود الينا يوما من تحت التراب… سؤالان معجزة, وقد يكون الأغرب انتظار تحقيق المستحيل.

  فلما السؤال ان كان الجواب أوضح؟ فلا  تمني يُعوض ما ذهب, ولا تساؤل يروي قلوبا استسلمت لوجع الرحيل.
  وعماد, لحن حزن عزفته عذابات الدنيا فبات, قصة على ورق, ولا شيء منه اليوم سوى صورة, إن تنظر اليها تسمع لحن القصة, وتغرق بين أشكال الدموع, فتحار هل تبتسم  مع ابتسامة فمه؟ أم تبكي مع كلام عينيه؟ أم تفتش في نقوش القبر عن عمره وتأسف على روحه قبل روحك, وترى كم ان الموت قريب لا يجامل شخصا ما زال يدعوه الناس عريسا, ولم يراع أن هذا الذي سلب روحه لم تكتمل لديه فرحة الأبوة بعد.
  فعماد المولود في 11 حزيران 1974 كغيره من أبناء الضيعة الكثر تربى في عائلة محبة, متواضعة, سخية بعواطفها, كبيرة بقلبها كما بأبنائها, هذه العائلة التي تربى في ظلها مؤلفة من أم وأب, سبعة شباب وبنتان.
  عدد أفراد الأسرة وحده يصور العبء الاقتصادي الكبير, فأبوه لم يكن ميسور الحال ليؤمن الرفاهية لأولاده.هذا ما جعل عماد يحاول العمل جاهدا ويضع نصب عينيه العلم والعمل من أجل أن لا يحرم أولاده من حاجة ثانوية كانت أو أساسية.

لم تمنعه هذه الحياة عن كسب أفضل الصفات, وهي صفات يعجز الوصف عن وصفه بها, بكرم أخلاقة الكبير, وكرم يده, مضيافا الى أبعد الحدود, وصريحا الى أكبر الدرجات, لم يكن من الأشخاص الذين يهتمون للمظاهر أو الأمور السطحية بل انسانا عميقا بذاته, يسرح مع هدوء الليل نحو البعيد, يجامل الجمال الالهي بسكون القمر, ويرى في سهر الليل المكان الأفضل للراحة بعد يوم عمل طويل.  

بعد نشأته بدأت رحلته الواعدة مع العلم, بحر لم يكف يوما عن الإبحار فيه والغوص في أعماقه.بداية, تلقى علومه الابتدائية في مدرسة مارالياس في بيروت ثم انتقل منها الى مدرسة الليسيه الغول حتى “البريفيه”, وبعدها انتقل الى مركز بيروت التعليمي ونال فيها شهادة البكالوريا الفنية, ومن ثم تخصص في العلوم التجارية..

في حوزة عماد العديد من الشهادات وهي:

شهادة في اختصاص محاسب عام من مركز بيروت للتعليم المهني والتي اعطيت له بتاريخ 30-6-1991. وقد عمل بهذه الشهادة في دبي.

حائز على شهادة في اللياقة البدنية في دبي.

حائز على شهادة من معهد النجاح الثقافي من دبي في دورة كمبيوتر بتقدير جيد جدا

وذلك بتاريخ 16-3-1998.

شهادة في تطوير لغته الانكليزية من المعهد البريطاني في دبي.

وهو من الأشخاص المتفائلين الذين يحبون الحياة ويعملون بكل نشاط وثقة من أجل بناء المستقبل, فيعمل بدوامين اي يكن العمل لم يتعيب به يوما ما دام يؤمن له لقمة عيش شريفة, فعمل في تركيب الأدوات الصحية, وكان يوزع جريدة الوسيط بعد الدوام, عمل في مكان لبيع الألبسة, إضافة الى العديد من الأعمال الأخرى..ويلتحق بدورة هنا وهناك لتبقى زاده في الحياة, وليبقى الرصيد الذي يقوي به معدن شخصيته, فلم يزده العلم سوى قوة, وحضور لا يمكن لاحد ان ينكره.

إلتحق بالجيش اللبناني لأداء خدمة العلم عام 1994.

كان عماد متما لواجباته الدينية من الصلاة وصيام, في أواخر أيامه وهو يتلقى العلاج في المشفى أخبر زوجته أنه إن خرج سالما سيحج الى بيت الله, الا انه توفي قبل ذلك, وقام أخوته بتولي الأمر فحجوا له. أما حكاية كرمه لم تكن فقط مع عائلته, فقد كان عاشقا لفعل الخير, محبا لمساعدة الفقراء, خدوما في ان يلبي طلبات من يقصده.اهتم كثيرا بحضور المجالس الحسينية وقام بواجبه بدافع من حبه الحسيني بمد يد المساعدة لاتمامها.

أفضل هواياته كرة القدم, والسباحة كان البحر أحب مكان اليه يقصده في يوم صيفي حار.

سافر الى الامارات عام 1998 للعمل الا ان ذلك لم يمنعه أن يكمل ما بدأ به بشأن الدراسة فقام بعدة دورات في اللغة الانكليزية والكمبيوتر.

عاد الى لبنان في العام 2000  بعد سنوات في بلاد الاغتراب عاد الى ربوع الوطن يبحث عن شريكة أحلامه وعن أمل الاستقرار وتكوين اسرة.

التقى زوجته ألحان شعلان التي يوجد بينه وبينها قرابة من جهة الأب. وتزوجا في2001 ثم سافرا الى دبي حيث عمل بشغف من أجل شراء شقة في العباسية والعودة الى لبنان نهائيا.

تقول ألحان ( زوجته ) بأنه أكثر الرجال اقناعا, بكل الصفات الرائعة التي لم تتغير به من يوم أن عرفته وحتى وفاته, بصراحته, وقوة شخصيته التي تفرض نفسها باحترام كبير على من يتحدث اليهم, صريح وصادق, حنون الى درجة لا توصف, تهمه العائلة ومحافظ بالدرجة الأولى على الروابط العائلية.

أنجبت الى حياته ولدان كانا الأمل الواعد “أحمد ودانيال” كان يرى عماد فيهما أحلاما

لا تعد ولا تحصى, كان يعودهما على الحرية في اتخاذ القرارات الصائبة.