ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على حدثين مهمين خلال الساعات الماضية، الأول هو لقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، والذي خفف من وطأة الأزمة بينهما وادى إلى تخفيض سعر صرف الدولار، والثاني كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله وما حملته من إشارات ونصائح وخارطة طريق لحل الأزمة اللبنانية.
“الأخبار”: إنذارات السيّد
وفي هذا السياق، تطرقت صحيفة “الأخبار” إلى كلمة سماحة السيد حسن نصر الله وقالت “إنذارات” سياسية بالجملة وجّهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس. إلى الرئيس المكلّف المصرّ على حكومة اختصاصيين، حمّله مسؤولية أي قرارات أو إجراءات قاسية وغير شعبية يمكن أن تقدم عليها الحكومة المقبلة. ومن دون أن يسحب موافقته على حكومة من هذا النوع، نصح سعد الحريري، إذا لم يكن يريد أن يحمل كرة النار منفرداً، بأن يؤلّف حكومة سياسية تتولى القرارات المصيرية التي يمكن أن تتخذ. لكن، كمن يؤكد أن الحراك الحكومي الراهن لن يؤدي إلى مكان، طرح مسألة تفعيل عمل الحكومة المستقيلة، كما أكد أنه ينبغي حينها أيضاً الذهاب إلى الحلول الدستورية لحل الأزمات التي تواجه البلد، وخاصة في مسألة تأليف الحكومة. ولأنه يدرك حساسية تعديل الدستور بالنسبة إلى البعض، دعا إلى تعديلات لا تمسّ بحقوق الطوائف، لكن تكون كفيلة بتحريك عجلة المؤسسات. وبالرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يتطرّق فيها إلى مسألة سلامة النقد ودور حاكم مصرف لبنان في ذلك، إلا أنه هذه المرة كان واضحاً في دعوته إلى تحمّل المسؤولية وتخفيض سعر الصرف أو الرحيل. وأكثر من ذلك، تعمّد التذكير بأن الرئيس نبيه بري (من دون أن يسمّيه) سبق أن حمى سلامة.
وتحت عنوان “عون ــ الحريري: لقاء تهدئة بلا غلّة حكوميّة” قالت “الأخبار” إنه بعد غياب أكثر من شهر عن قصر بعبدا، زار الرئيس سعد الحريري الرئيس ميشال عون من دون أن يحمل أي اقتراحات أو أفكار جديدة تساهم في تحريك الملف الحكومي، لكنه وعد بأن يحمل لقاء الاثنين المقبل بعض الأجوبة الإيجابية. بالتوازي، كان الرئيس الفرنسي يهدد بمقاربة الملف اللبناني وفق نهج جديد.
واضافت أن “ما حال دون تأليف الحكومة حتى اليوم لا يزال قائماً. واللقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري أمس كان «بلا غلّة». فلا الحريري قادر على التأليف من دون أن يضمن ظهره سعودياً، ولا عون سيوافق على تقديم تنازلات لخصم يدرك أنه لن يكون قادراً على التعايش معه. عملياً، «طلع الحريري على بعبدا بلا ولا شي»، وحاملاً رسماً لوجه بلا ملامح”.
واضافت “كالعادة، قدّم تشكيلة غير مكتملة، الثابت فيها إعطاء حقيبتَي المال والتنمية الإدارية للرئيس نبيه بري، والأشغال والعمل لحزب الله (من دون أسماء) والخارجية للنائب السابق وليد جنبلاط، إضافة الى «رشّة» أسماء مسيحية غير واضحة الانتماء. عندما سأله رئيس الجمهورية، هل توافقت مع حزب الله على أسماء وزرائه؟ كان جوابه: «منعالجها». فأجابه الرئيس: «يعني أنك آت بحكومة لست أنا فقط من ليس موافقاً عليها ولن تأخذ ثقة إلا من أمل والمستقبل والاشتراكي». وتوجّه عون الى الحريري بالقول: «أريد حكومة متكاملة فيها التوزيع الطائفي للحقائب وأسماء الوزراء ومرجعياتهم السياسية. أنا رئيس الجمهورية، ومن حقي الاطلاع على كل الأسماء والتوزيع، لا أن تأتي لتناقشني شو طالعلي وزرا»!
وتعابت الصحيفة “عليه، سيعود الحريري الى بعبدا الاثنين المقبل، بعدما «استمعت الى ملاحظات رئيس الجمهورية وللخروج بنتيجة واضحة حول الحكومة. وسيحمل اللقاء أجوبة أساسية حول كيفية وصولنا الى تشكيلة حكومية في أسرع وقت ممكن».
هل يعني ذلك أن هناك حلحلة ما؟ تجيب المصادر: «لا شيء يطمئن بعد. والواضح أن الحريري، باستمراره في النهج نفسه منذ تكليفه، لم يحسم أمره بتأليف الحكومة بعد»، علماً بأن «الاستدعاء العلني» له الى بعبدا، معطوفاً على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس عن إمكان تفعيل حكومة حسان دياب، وعن وجود «مخارج دستورية» لعقدة التأليف، يضع مزيداً من الضغوط عليه. وفي هذا السياق، لفتت المصادر الى أن «نصيحة» نصر الله للحريري بالعودة الى حكومة سياسيين لأن أي حكومة كالتي يريدها لن تصمد، تأتي متناغمةً مع «كلام جدي» من عواصم أوروبية بأن «الانهيار الحالي وقرارات مواجهته تحتاج الى حكومة تسندها وتغطيها الأطراف السياسية، ولن تكون حكومة اختصاصيين قادرة على تحمّلها».
وقالت الصحيفة “إذاً، لقاء التهدئة أمس، كما وصفه الحريري، لا وظيفة له سوى التهدئة نفسها، بعدما وصل التوتر بين الطرفين إلى مستوى غير مسبوق. إذ خيّر عون الحريري بين تأليف حكومة بشكل «فوري» أو التنحّي، فيما ردّ الأخير بمطالبة عون، في حال عجزه عن التوقيع على التشكيلة، بإفساح المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة. وبحسب المعلومات، فإن مساعي عديدة، وخاصة من قبل حزب الله، أجريت بين الطرفين لعقد اللقاء”.
واشارت إلى أنه إذا كان لقاء القصر لم يحمل أي تقدّم على المستوى الحكومي، فإن أي مبادرة لتقريب وجهات النظر لم يتم تفعيلها. وعلمت «الأخبار» أن اللواء عباس إبراهيم طرح مع الرئيس نبيه بري، الذي التقاه أمس، إمكانية إحياء مبادرته، إلا أن جواب بري كان سلبياً، على اعتبار أن المبادرة لم يتلقّفها أيّ من الطرفين المعنيين.
ولفتت إلى أن حده الرئيس الفرنسي أوحى، في تصريح يحمل تهديداً مبطّناً للمعرقلين، بأنه يحمل في يده ورقة يمكن أن تحرّك ملف التأليف. فالرئيس إيمانويل ماكرون، الذي اتّهم المسؤولين اللبنانيين بالفشل في تحمّل مسؤولياتهم، رأى أن «وقت اختبار المسؤولية يقترب من الانتهاء وسنحتاج في الأسابيع المقبلة، بوضوح شديد، إلى تغيير مقاربتنا ونهجنا»، من دون أن يقدم تفاصيل أخرى. وأضاف: «لا يمكننا ترك الشعب اللبناني في الوضع الذي هو فيه، ويجب علينا بذل قصارى جهدنا لتجنّب انهيار البلد وتسريع تأليف حكومة و(تنفيذ) الإصلاحات الضرورية». وفيما فسّر كلام ماكرون على أنه تهديد باللجوء إلى العقوبات في حق من يتّهمهم بعرقلة تأليف الحكومة، فإن مصادر مطّلعة توقعت أن لا تؤدي هكذا إجراءات إلى تغيير الوقائع الحالية.
وختمت الصحيفة بالقول إنه ترافق لقاء بعبدا مع انخفاض سعر الدولار أكثر من ألف ليرة. غير أن مصادر مطّلعة أكّدت لـ«الأخبار» أن هذا الانخفاض يعود الى «كلام كبير» تبلّغه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قبل عودته من باريس، من رئيس الجمهورية، ومن حزب الله عبر وسطاء قبل أن يقوله السيد نصر الله «بالفم الملآن» أمس، ومن التيار الوطني الحر، بأن من غير المسموح بقاء فلتان الدولار على غاربه «ولن نبقى ساكتين»، وخصوصاً أن من الواضح جداً أن ما من مبرر اقتصادي لصعود الدولار كما حصل مطلع هذا الأسبوع، و«ما حدث كان جزءاً من عملية الضغط السياسي على رئيس الجمهورية في الموضوع الحكومي».
“البناء”: لقاء بعبدا: تأجيل إعلان الفشل… وكوة صغيرة للأمل
من جهتها، قالت صحيفة “البناء” إن المعلومات تقاطعت عند كون اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالرئيس المكلف بتشكيل حكومة سعد الحريري، كان دون مستوى التوقع لجهة إحداث اختراق نحو ولادة الحكومة الجديدة، وأعلى من التوقعات التي بُنيت على مناخ الخطابين المتبادلين تلفزيونياً ليل أول أمس بين الرئيسين، فإن أخذ الاجتماع بعين التفاؤل يمكن القول إنه كسر الجليد وفتح كوة أمل للتأسيس عليها في اجتماع الاثنين، والمضي قدماً في منع الانزلاق نحو الخطر المتمثل بالاندفاع نحو المجهول، وإن تمّ القياس بعين التجربة خلال الاجتماعات الماضية، فالاجتماع تأجيل لإعلان الفشل تهيباً للتبعات، وقد يؤدي التهيّب لتأجيل جديد، وبعدها تقع الواقعة.
ولفتت إلى أن مناخ الاجتماع المفتوح على فرضيتي النجاح والفشل، كان حاضراً في كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي فتح ملفات الأزمات بتشعباتها واضعاً نقاطاً وفواصل على الحروف وبينها، شارحاً حجم التحديات التي كشفتها الأزمة الراهنة والحاجة لحكومة جديدة كبداية لطريق مواجهتها، مجدداً التزام حزب الله بوعد تسهيل مهمة تشكيل حكومة اختصاصيين، مضيفاً أن الخيار مخاطرة كبرى أمام مهام صعبة لا تستطيع تحملها الا القوى السياسية التي يجب أن لا تعفى من تحمل المسؤوليات، ناصحاً الحريري بالتفكير خلال اليومين المقبلين ومراجعة خياره بحكومة اختصاصيين، وفي حال الفشل في التفاهم على حكومة جديدة فتح السيد نصرالله الباب للبحث بمخرج دستوري يجيب على السؤال الدائم، ماذا عندما يختلف الرئيسان ويفشلان في الاتفاق، ولا يعتذر الرئيس المكلف؟
وأشارت إلى أنه بحكومة جديدة وبدون حكومة جديدة، وضع السيد نصرالله قضيتي ارتفاع سعر الصرف وقطع الطرقات، تحت بند خطوط حمر لا يمكن التعايش معها، وربط مواجهتها بالحكومة الجديدة، فحاكم مصرف لبنان مسؤول عن سوق الصرف، وعليه تحمّل مسؤولياته، مذكراً بأن بقاء الحاكم وعدم إقالته كان بخلفية القلق من سعر الـ 10 آلاف و15 ألف ليرة، وها نحن قد وصلناه. بما يعني طرح فرضية تغيير الحاكم إذا لم يقم بمسؤوليّاته التي طالبه بتحمّلها، خصوصاً عندما وضع خيار الفشل بتشكيل حكومة جديدة كفرضية دعا على أساسها لتفعيل حكومة تصريف الأعمال متوجهاً لرئيسها للتصرّف بخلفية وطنيّته لمنع المخاطر، أما عن قطع الطرقات التي شرح السيد نصرالله عدم تمثيلها لتحرك شعبيّ بل لعمل تخريبيّ مشبوه، فتوجّه السيد نصرالله للجيش والقوى الأمنية بتحمل المسؤوليّة بمنع قطع الطرق بصفتها مشروع حرب أهلية، هناك جهات خارجية وداخليّة تسعى إليها، وصولاً الى القول إنه اذا لم يتحقق ذلك، فللحديث صلة، مشيراً إلى أن الأمور تجاوزت حدود القدرة على الصبر.
واوضحت أنه في آليات المواجهة الاقتصادية قدّم السيد نصرالله مجدداً استعداد إيران لتأمين حاجات لبنان من الفيول لإنتاج الكهرباء، وتوفير المشتقات النفطيّة التي تحتاجها السوق اللبنانية بالليرة اللبنانية، وتساءل عن سبب عدم التعامل بجدّية مع العروض الصينية والروسية لاستثمارات في قطاعات مصافي النفط وسكك الحديد وسواها، كما تمّ تجاهل العرض الإيراني تلبية للطلبات الأميركيّة.
ولفتت “البناء” إلى أن التعليق الأول على كلام السيد نصرالله جاء من رئيس التيار الوطني الحر بوصفه بالخطاب الإصلاحي الذي يعبر عن ماهية التفاهم المطوّر بين التيار الوطني الحر وحزب الله، للمضي قدماً بالإصلاح ومكافحة الفساد.
وقالت الصحيفة إنه في غضون ذلك، وبعدما بلغ التصعيد ذروته أمس الأول، بين بعبدا وبيت الوسط، انعقد اللقاء السابع عشر بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، واستمر اللقاء خمسين دقيقة. وأشارت أوساط مطّلعة على اللقاء لـ”البناء” إلى أن «الاجتماع بين الرئيسين عون والحريري كسر الجليد السياسيّ بينهما الذي استمر لأشهر عدّة وأعاد الملف الحكومي إلى الواجهة وتم التطرق إلى موضوع تأليف الحكومة وبعض المقترحات والأفكار المطروحة، لكن لم يتم الدخول في التفاصيل»، وكشفت أن الرئيس المكلف لم يقدم صيغة جديدة للحكومة كما لم يدخل أي تعديل على صيغته السابقة». ونفت الأوساط أن يكون المغلف الذي كان يحمله الحريري في يده عند دخوله إلى مكتب رئيس الجمهورية وسلّمه إياه يتضمن تشكيلة جديدة»، ولفتت إلى أن «اللقاء لم يُحرز أي تقدم على صعيد تأليف الحكومة لكنه ليس سلبياً بل مهّد الأجواء والأرضية المناسبة لعقد لقاءات أخرى للتوصل الى حل يرضي الطرفين». وأضافت الأوساط أن اللقاء تناول أيضاً البحث في برنامج الحكومة والأوضاع الاقتصادية والمعيشية والتطورات الأمنية الأخيرة في البلاد والارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار وسبل معالجة هذا التدهور الحاصل بالسرعة اللازمة»، كما بيّنت الأوساط إلى أن «أهمية اللقاء تكمن في أنه انعكس إيجاباً على المستوى الشعبي على صعيد تهدئة الشارع وتخفيف التخبّط بسوق الدولار».
وأفادت مصادر أخرى حول اللقاء إلى أن «الجوّ بين الرئيسين لم يكن متشنّجاً، وأن الحريري حمل الى عون تشكيلته السابقة وأصرّ على حكومة من 18 وزيراً، إلّا انه أبدى استعداداً للنقاش في كل الافكار المساعدة وفي أسماء الوزراء لا سيما لحقيبة الداخلية بالتشاور مع الرئيس عون». وأكدت المصادر أن «اللقاء بحد ذاته كسر ليس الجليد فقط بين الرئيسين، بل فتح ثغرة كبيرة في الجدار القائم بينهما، من أجل الوصول الى توافق يوم الاثنين المقبل إذا أمكن، بعدما يجري كل رئيس جوجلة للأفكار التي طرحت ويناقشها مع المعنيين».
وأكدت مصادر “البناء” أن الرئيسين عون والحريري اتفقا على منح فرصة خلال الثلاثة أيام المقبلة أي حتى الاثنين المقبل لمزيد من التشاور وإجراء الاتصالات مع مختلف الأطراف السياسية لتكوين رؤية للحكومة المقبلة وخريطة الطريق التي ستنكبّ على تنفيذها، وعلى ضوئها يتقرّر موعد لقاء جديد وقد يكون الاثنين وقد يؤجّل إلى يوم آخر إن اقتضت الظروف والحاجة».
وبعد اللقاء بين عون والحريري صرّح الأخير فقال: «تحدّثت مع رئيس الجمهورية عن تطلعاتي بشأن الحكومة، على أن تكون مؤلفة من 18 وزيراً من الاختصاصيين، لكي ننتشل البلد من الأزمة الاقتصادية التي يغرق البلد فيها. وقد استمعت لملاحظات فخامة الرئيس، واتفقنا على أن نجتمع مجدداً يوم الاثنين المقبل في لقاء آخر، لكي نتمكن من الخروج بشيء واضح للبنانيين كحكومة. وفي هذا اللقاء، ستكون هناك بعض الأجوبة الأساسية حول كيفية الوصول إلى تشكيلة حكومية في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «الهدف الرئيسي اليوم من أي حكومة هو السير بداية بوقف الانهيار من خلال برنامج صندوق النقد الدولي وأن نعيد ثقة المجتمع الدولي بالبلد. اليوم ترون كيف تتدهور الليرة اللبنانية يومياً، وإذا نظرنا إلى الوضع الاقتصادي، نجده لا يبرر أن تكون الليرة بهذا الانهيار، لكن ما يبرر ذلك هو غياب الأفق عند الناس».
وأوضحت الصحيفة أنه كانت اللقاءات والاتصالات التي جرت صباح أمس، لا سيما زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الى عين التينة حيث التقاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد عملت على ترتيب الأجواء والتمهيد للقاء بعبدا بعدما توتر الوضع السياسي غداة كلمة عون وردّ بيت الوسط. ولوحظ أن توجيه بعبدا الدعوة للحريري جاءت مصحوبة بنوع من التهدئة والترحيب واللهجة الهادئة بقوله في بيان إن «رئاسة الجمهورية تعوّل على الحس بالمسؤولية الوطنية لدى الرئيس المكلف، فيأتي حاملاً تصوراً لتشكيل حكومة تراعي مقتضيات التوازن والميثاقية والاختصاص، مستخلصاً بذلك أشهر التكليف الخمسة».
واشارت إلى أنه برز موقف فرنسي على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اعتبر أنه «من الضروري تغيير المقاربة في لبنان»، وقال: «يقترب وقت اختبار المسؤولية من الانتهاء وسنحتاج في الأسابيع المقبلة، بوضوح شديد، إلى تغيير مقاربتنا ونهجنا». وأضاف: «لا يمكننا ترك الشعب اللبناني في الوضع الذي هو فيه. يجب علينا بذل قصارى جهدنا لتجنب انهيار البلد وتسريع تشكيل حكومة وتنفيذ الإصلاحات الضرورية».
“النهار”: اللقاء الـ17: “هدنة”
أما صحيفة “النهار” فقالت إنه اذا كان يصح الحديث عن نتيجة عملية وفعلية وحيدة للقاء الـ17 في قصر بعبدا امس على درب المسار الطويل المعقد والمشوب بتوترات ومعارك سياسية وتجاذبات لا افق لها في مسار تأليف الحكومة العتيدة المنتظرة منذ اكثر من خمسة اشهر، فان هذه النتيجة تتلخص بتبريد بل بتخفيض سعر الدولار على نحو ملموس واكب وأعقب زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لبعبدا واجتماعه مع رئيس الجمهورية ميشال عون لنحو خمسين دقيقة.
واشارت إلى أنه حتماً ان الطابع الدراماتيكي للقاء كهذا جاء بعد اقل من 24 ساعة على انفجار اعنف صدام واشتباك اعلامي بين عون والحريري كان وحده كفيلا بجعل الأنظار تنشدّ الى اللقاء وما يمكن ان ينسج عليه من رهانات، ولو ضعيفة وواهية، حيال الدفع بالبلد نحو مفاجأة انقاذية تستولد الحكومة المنتظرة التي باتت في حسابات السياسة كما في انطباعات الناس اشبه بمعجزة لفرط ما امعنت سياسات التعطيل والاشتراطات والمماحكات في تفخيخ العبور اليها. ولكن ما بدا واضحاً وراء ترتيب التوافق على اللقاء السابع عشر منذ تكليف الحريري، هو ان لا عون ولا الحريري كان يمكنهما تمرير يوم امس من دون الإتيان باي خطوة من شأنها تبريد الغليان الذي تفجر مع التصعيد الكبير الذي تصادما عبره الأربعاء بعد الرسالة النارية غير المألوفة في التعامل بين رموز الدولة والمؤسسات الدستورية والذي كان ينذر بدفع الازمة المالية والاجتماعية والاختناقات التي تطبق على البلاد بكل قطاعاتها الى مستويات مخيفة ستنعدم معها تماما أي قدرة للسيطرة على الفوضى التي بدأت تزحف بخطورة عالية. لذا يمكن إجمال الخلاصات والنتائج التي أدى اليها هذا اللقاء بانه كان بمثابة اتفاق حصري وموضعي على “هدنة” تمتد على الأقل لأربعة أيام أي الى موعد اللقاء الـ18 بين عون والحريري الذي توافقا على عقده الاثنين المقبل ولكنها في المضمون السياسي هدنة بين متراسي التاليف والتشكيل. اذ تفيد معلومات “النهار” ان لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أعاد التواصل بينهما واعطى فرصة جديدة لعملية التأليف، الا انه لم يسجل تقدماً اذ بقي كل منهما على موقفه في مقاربته لعملية التأليف.
ماذا جرى؟
وذكرت مصادر اللقاء، ان الرئيس الحريري لم يحمل تشكيلة حكومية جديدة بل ابقى على التشكيلة السابقة المؤلفة من 18 وزيراً والقائمة على ثلاثة “ستات” ولم يدرج فيها ممثلين شيعيين من حصة “حزب الله”. وسأل عون الحريري اذا كان سأل “حزب الله” رأيه في الاسمين اللذين كان ادرجهما في التشكيلة السابقة فرد بأنه لم يتشاور معه. وتشير المعلومات الى ان الرئيس عون أكد اصراره على مقاربة مختلفة عن السابقة وفقاً للمعايير التي حددها مراراً.
واشارت المعلومات الى ان الجوّ لم يكن متشنجاً بل عادياً جداً. وعرض الرئيسان الموضوع من كل جوانبه، لكن ذلك لم يؤد الى نتائج عملية فتقرر استكمال البحث الاثنين. لم تطرح في اللقاء تشكيلة حكومية كاملة، وهي ما زالت تحتاج الى المزيد من البحث الاثنين المقبل.
ولفتت الصحيفة إلى أنه كان واضحاً ان رئيس الجمهورية قابل هدوء الحريري بهدوء مماثل، وبدا ذلك واضحاً من عدول قصر بعبدا عن اصدار بيان كان ابلغ الصحافيون بانتظاره، وقد ارجئ الى الاثنين بانتظار ما ستؤول اليه الفرصة الجديدة المعطاة لعملية التأليف.
وقالت إنه زيارة الحريري الى بعبدا سبقتها اتصالات شارك في جزئها الظاهر اللواء عباس ابراهيم الذي زار بعبدا صباحاً قبل زيارته عين التينة.
وبعد اللقاء الذي استمر زهاء خمسين دقيقة، اعلن الحريري انه بحث مع رئيس الجمهورية “في تطلعاتي بشأن الحكومة، على أن تكون مؤلفة من 18 وزيرا من الاختصاصيين، لكي ننتشل البلد من الأزمة الاقتصادية التي يغرق البلد فيها. ففي نهاية المطاف، الهدف الأساسي من أي حكومة هو وقف الانهيار الذي نواجهه اليوم … واتفقنا على أن نجتمع مجددا يوم الاثنين المقبل في لقاء آخر، لكي نتمكن من الخروج بشيء واضح للبنانيين. وستكون هناك بعض الأجوبة الأساسية حول كيفية الوصول إلى تشكيلة حكومية في أسرع وقت ممكن”.وأضاف: “الهدف الرئيسي اليوم من أي حكومة هو السير بداية بوقف الانهيار من خلال برنامج صندوق النقد الدولي وأن نعيد ثقة المجتمع الدولي بالبلد” وقال : “ربما رأى اللبنانيون بالأمس اصطداما بين رئاستي الجمهورية والحكومة، وقد أتيت اليوم لكي نحاول التخفيف من هذا الاصطدام ونعمل على تهدئة الأمور. الاثنين المقبل سنعقد اجتماعا آخر بإذن الله، وكما كنت دائما صريحا معكم، سأبقى كذلك وسأقول لكم في كل لحظة ما الذي يحصل. الآن هناك فرصة، لنستغلها ونفكر لكي نتمكن من الخروج بشيء ما الاثنين المقبل”.
ولفتت إلى أنه على رغم تفاقم موجات الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات سجل سعر الدولار بعد ظهر امس في السوق السوداء انخفاضا لافتا اذ جرى تداوله بسعر 10900 ليرة بعدما كان تراجع ظهرا الى 11900 ليرة على وقع الانباء عن لقاء بعبدا والتكهنات المتصلة بتشكيل الحكومة.