بقلم د.محمد أحمد حمّود بوَصْفي معلّمًا، أتمنّى على السياسيين من المنافقين عدم زجّ اسم المعلّم في معايدة كلاميّة أو وجدانيّة! فلكلّ سياسيّ منافق مستزلمون «حسب الحجم»، باستطاعته كتابة قصيدة رومنسيّة جميلة مدفوعة الثمن فيهم وفي حاشيتهم والدعاء له ولهم بالخير!
يقول المعلّم«ة» : أنا بتّ جائعًا بعد تهمة الشبع التي لطالما أشبعونا حديثًا عنها!
ويقول معلّم«ة» : أجل كنْتُ مستعفًا وأنا أناور على راتبي الذي كان يوصلني مرهقًا متقطّع الأنفاس إلى آخر الشهر، ولو أنّ الأبواق كانت تلاحقني، بأنّك موظّف ميسور ،( مين أدّك)، وراتبي ذاك لم يكن أكثر من خرجيّة ابن المسؤول الموظّف اليوميّة! بلى! أنا موظّف ميسور الآن أكثر من أي زمن مضى، لأنّ مالي حلال زلال لم يداخله شكّ على قلّته، على عكس أموال المُتْخَمين بالحرام والصفقات والشبهات!
ويقول المعلّم«ة» : أنا الآن جائع مستعفّ لا أتقن فنّ الصراخ، أحمل ضميرًا حيًّا، وقلبًا مُتعبًا، وعينين دامعتين على وطن أول ما قتل فيه الساسة المنافقون، المدرسة والتربية والكتاب والجامعة! وهذا ليس غريبًا على سياسيّ منافق نسي شكل الطبشورة واللوح وقلم الحبر الأحمر!
ويقول معلّم«ة» : أمضيْتُ ثلاثين عامًا، أربعين عامًا، وأنا أستثمر بعمري للأجيال، سعيدًا كُنْتُ، أعطي بحبّ، وأشرح بوعي، وأسهر بر احة، وأقدّم أقصى مالديّ لأكون معلّمًا حقيقيًّا في وطن أثخنه النفاق والتصفيق في كلّ يوم للسارق، وليوم واحد للشريف المعلّم! لكنّي ما زلْتُ سعيدًا، فقد رأيْتُ طبيبًا، مهندسًا، محاميًا، أستاذًا، جامعيًّا، ممرّضًا، عالمًا،،، كان يومًا ما يجلس على مقعده الخشبيّ ليصغي إلي ويتعلّم منّي! ولو أنّني بتّ أقتات على معاش يعطيني بعض كرامة ولا يحجبني عن العوز القادم.
ويقول المعلّم«ة» بغصّة: لم تشهدوا يومًا حصّة تعليميّة داخل غرفة الصف، لم تشهدوا التحضير والتفسير والشرح والتعب والقلق والأرق وكظْم الغيظ، وعصْر الغضب ونوتة الشغب، والإعادة والافادة،… ولم تشهدوا حكاية الصوت والنّبرة، وحكاية الكرّاس، والتصحيح والمطالب والمزاعم، وجداول العمل المُرهِقَة والمُنْهِكَة…وقد شهدتم برفعة حفل التخرج والنجاح والفرح!
ويبقى المعلم«ة» في مساحة الصفّ بانتظار الوافدين الجدد إليه ليبدأ حربه من جديد!
عذرًا أيّها المعلّم«ة» في عيدك الأسمى، لا مجال للكثير من الابداع في رسم ما أنت! أنت الأيقونة الفريدة التي إنْ فُقِدَتْ هيبتُها هُتِكَتْ كرامة وطن، وإنْ رُفِعَتْ قامتها عاش فيك الوطن! فأنت أرقى من كلّ أصحاب البزّات التي امتلأت بطونهم بالخراب، واستباح عقولهم الفراغ! فقط، لأنّهم لم يكونوا يومًا برتبة شريفة! رتبة معلّم«ة»! الدكتور محمد حمّود.آذار 2021.