دق جرس بكركي ،،، هل يحل الازمة؟؟

د نادر عجمي

يجب الالتفات الى ان البابا فرنسيس يرى الامور بطريقة مختلفة عن ما يراه البطرك الراعي وهو لا يحبذ ان يكون البطرك طرفاً او رأس حربة ، ويفضل ان يرتاح البطرك من ان يتصدر اي جبهة ، لكن للبطريركية المارونية في لبنان استقلالية نسبية عن الكرسي الرسولي صاحب الدعوات والخطابات العامة. فالبطرك من جهة يرى ان المسيحيون منقسمون، ويشعر بأن رعيته تنازع للبقاء والصمود في ظل الاجواء البائسة السائدة ولهذه الغاية ارسل رسائله بعدة اتجاهات متمسكاً بثلاثيته الذهبية ” الطائف ، الدستور ، الميثاق “، وانه طالما وصلت الامور بين اهل الحل والعقد في لبنان الى حائط مسدود ، وطالما ان ازمات لبنان لم تحل إلا بتدخل الخارج فما الضرر من الدعوة لعقد مؤتمر دولي من اجل لبنان !!
في مقاربته هذه مجموعة من المتغيرات ولم يستفد من تجربة سلفه البطرك صفير ، ففي بعبدا #لحود_2 اسمه ميشال عون ، والمحيط الاقليمي مختلف، والقوى الدولية المؤثرة لم تعد فقط باريس وواشنطن او لندن ، وموازين القوى في لبنان اختلفت جداً والزمن الاول تحول .
اعتقد ان #همروجة_البطرك هو من اطلقها فلم يظهر بأن هناك إيعاز خارجي لها لغاية اللحظة وهذا لا ينفي تقاطع الاستفادة الخارجية منها ، فخطاب الحياد يعود لاشهر خلت واليوم خطاب التدويل هو تكملة لما سبق ، خطاب الحياد لم يجد ولم ينفع واحدث جدلاً داخل المجلس البطريركي والتدويل وسع اطار المواجهة ضمن الساحة المسيحية ليؤدي برسالة من التيار الحر الى البابا فرنسيس احدثت عتباً وزعل اعتباري لتجاوز البطرك .
هذه الهمروجة احيت في #ذاكرتنا القريبة والبعيدة لقاءات وتجمعات ومنتديات وساحات جمعت اكثر وصدحت اعلى لكنها لن تثمر ،وقد يكون القوات والكتائب وغيرهم استفادوا منها اكثر من البطريركية مجتمعةً.
ان ما قاله البطرك الراعي بالعنوان العام سلبي بالكامل وله اثار سلبية عليه مسيحياً ووطنياً ، وهو بمثابة من يغرد خارج السرب كي يدخل به او يركب معه ، وان نجح في مطلبه قد يكون له مكاناً فيه لكن هل يفرض او يغير امراً؟!…
ان رنين جرس بكركي لن يسمعه ساحل المتن الشمالي والجنوبي وساحل علما وضهور الشوير وزغرتا، لكن ان دق #جرس_روما فكل لبنان سيسمع طنينه.
ان النزاع بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف نزاع قديم جديد يتكرر منذ عهد الاستقلال وليس بجديد، هو صراع على الامساك بالسلطة التنفيذية ذات الرأسين. ان الرئيس عون ثابت ومصر على موقفه ويخوض معركته حتى اللحظة الاخيرة بخسائر كثيرة وارباح قليلة لكن في حال حقق هدفه يجب ان يسجل له انه مغامر من الدرجة الاولى فليست دائماً تنجح العاب المغامرين .
ان الرئيس الحريري اما متردد او خائف او ينتظر امراً ما وهو في موقف صعب لكن يبدو ان لم يشكل سعد الحريري الحكومة قريباً قد يكون خارجها نهائياً. وما قاله سعد الحريري هو نصف الحقيقة وما قاله جبران هو النصف الاخر منها ، وكلاهما مسؤول بشكل اساسي عن عدم تشكيلها.
دعوة لها لا بد منها وفق نص الدستور ، سياساً تهدف الى تحريك المياه الراكدة، وجس نبض القوى واختبار القوة الشعبية للجهات ورفع المسؤولية عن كاهل رئيس المجلس، لكن تكلفتها المالية والاوضاع العامة الصحية والامنية ترجح عدم اجراؤها.
زيارات الموفدين الخاصين منذ اسابيع استطلعت الاجواء، ولا جديد والامور مكانك راوح . الفرنسي عاجز ضعيف وهيبته على المحك ولن يتحمل فشل اضافي في لبنان ، وهو يبحث عن فرص لتلزيم شركاته القطاع العام في لبنان واستخراج غازه.
لديه اولوياته اليوم الداخلية والدولية ولبنان في اسفل لائحة اهتماماته، وتصرفات السفيرة الفلكورية من رأسها، وسياسات امريكا اتجاه لبنان لغاية اللحظة وفق كل ما نشر هي ذاتها: ترسيم الحدود ، ممنوع الثلث المعطل ، حكومة تكنوقراط ، ممنوع ان يتمثل الحزب بالحكومة ، العمل على تقويض الحزب ومحاصرته وتأليب الناس عليه وتحميله مسؤولية كل شيء، الموافقة على عقود الاقتراض والشروط الاقتصادية والمالية كما هي.
توصيته كما هي، طالما يوجد شخص اسمه ميشال عون في سدة الرئاسة ممنوع تسهيل تشكيل الحكومة ، وهم غير مكترثين ابدا للحكومة، وهمهم في مكان اخر تثبيت كرسي العرش لمحمد بن سلمان فهذا التثبيت يتطلب عمل شاق، وان لم يزحزحه الامريكي سيعمل على ابتزازه وتقويضه.
لقد اوصلت سياسات السلطات المتعاقبة البلد الى الانهيار على كافة المستويات ، وتتابع بعض وسائل الاعلام تهديم وتحطيم ما تبقى من روح وطنية ، بقايا مؤسسات ، بقية اخلاق ، وتضرب بعنف وشدة مشبوهة ما تبقى من ” انسان و دولة ” ضمن مخطط تحطيمي تسقيطي مكشوف.
وفق مقدمة ابن خلدون الشهيرة عندما تنهار الدول يكثر السحر والشعوذة ويكثر خلط الحابل بالنابل وخلط الحق بالباطل، وتكثر الاشاعات والاكاذيب وتطغى الطائفية. ان حجم الحملات الاعلامية وكثافتها قد دكت واصابت وبقوة جبهة المحور حتى باتت جماهير المحور تنساق بطريقة متماهية معها : شتم وتطاول ، وقول ما لا يجب قوله ، وكثرت النيران الصديقة العشوائية ، ووزعت المسؤوليات بإجحاف ، وحملت الامور ما لا تحتمل ، واسقط ما لا يجوز اسقاطه انها #العصفورية.
ليس بجديد ان يتدخل الاجنبي بلبنان، وليس بغريب ان لا ننجح بانتاج حل وطني. لكن يبدو ان الاجنبي مشغول، ويبدو ان الحل الوطني مستصعب وقافلة الانهيار تسير بسرعة متزايدة ، ازمة فيول وكهرباء ، غلاء معيشة، جنون اسعار ، كورونا و بكركي ، دولار محلق ، تفلت امني، فما العمل؟! وفق منطق الامور : الاصطدام او الصدم او انحراف القافلة او القفز منها وبكل الاحوال هناك خسائر دعاؤنا انشاء الله باقل الخسائر لان الرجعة على الطاولة حتمية.
#وبات الوضع في لبنان يحتاج الى معجزة حقيقية، فاللهم امدد علينا من السماء مدراراً ، وامددنا اموالاً كثارا ، وابسط لنا الارض لنسلك سبلاً فجاجا.