الشاعرة اللبنانية يسرا البيطار في منازل العشق.. تتألم وترى الانسان رهينة

بيروت-اسماعيل فقيه

: في حوار مع شبكة اخبار المستقبل اسيا ان  يسرا البيطار شاعرة لبنانية تعيش في المساحة الشعرية الواسعة

.لنستمع ونقرأ ماذا تقول عن الشعر والانسان والحياة

. 1 – يسرى البيطار الشاعرة اين هي اليوم؟

ماذا تفعل؟

 وماذا تكتب؟

 يسرى تتالم اليوم، لان الانسان اصبح رهينة، لان الاهل والاحباء بعيدون، لان الكون بلا معنى !

 نحن الشرقيين نتالم اكثر لانعدام اللقاء،

 فنحن نحيا في الجماعات ولا نترك السرب مهما اشتدت غطرسة الانترنت والعولمة.

 يسرى

 الان لا تفعل اي شيء سوى الانتظار، وهدهدة الامل ليستطيع الصمود، ولتستطيع.

 يسرى لا تكتب اي شيء منذ ان اقعدنا كورونا الجبان اللعين !

 كتبت قصيدة واحدة لبيروت يوم نكبتها ،

 وقصيدة واحدة يوم حزن شديد !

اظن ان لا كتابة في هذا الاسر !

 في هذا الاختناق !

 كم كابد المتنبي حين كتب : “عيد باية حال؟” وابو فراس حين قال: “ايا جارتا هل تشعرين بحالي؟

” اما يسرى الشاعرة فهي هي، وفي مكانها، في مصدر الضوء، او فوهة البركان

. 2 – هل تغير معنى أو تأثير الشعر والقصيدة في الحياة الآنية؟

 ربما تغيرت مكانة الشعر في عصرنا لاسباب عدة ابرزها سهولة النشر الالكتروني وسهولة الظهور.

 فهذه الكثرة المضللة تخفف من وهج القصيدة الحقيقية وربما تضيع بعض المعايير.

 لكن الجواهر تبقى لماعة، ولا يزال هناك قراء كبار، ونقاد كبار، واعلاميون يدركون ما يجب فعله لصالح الشعر

لم يخف الاهتمام بالشعر في لبنان والعالم العربي رغم ازدهار العلوم البحتة.

 واعتقد ان العلوم بكل اجنحتها تلتقي في مكان ما، وهي يجب ان تتوازن لصالح الانسانية

. 3 – كيف تتعاملين مع اللغة في واقع يصارع اللغة؟

لقد قلت يوما:

“اللغة افكر بها واشعر بها”.

 فلا يمكن للعمليات العقلية المتقدمة ان تتجاوز اللغة.

حتى المشاعر المتقدمة لا تتجاوز اللغة.

ولذا فاللغة مكون اساس في عملية الابداع، ولا سيما الكتابة، لان اللغة اداتها. فكيف ينجز بناء متين ان كانت ادواته ضعيفة؟

هذا العصر يحارب اللغة نعم، واخص اللغة العربية التي يحاربها ابناؤها عمدا او من دون عمد.

 اساتذة في

 اللغة لا يعرفونها !

ادباء مزعومون يرتكبون المجازر اللغوية !

 نصيحتي هي القراءة والحفظ : الشعر القديم وكبربات القصائد، والعودة في الابحاث الى المراجع الورقية لا الالكترونية، الا ما كان منها مسؤولا وموثوقا به.

 ونصيحتي ايضا ان لا يتفلسف غير العارفين ويطلقوا نظريات من مثل: “يحق للشاعر” ! نعم يحق للشاعر ان يستخدم الخيال، والمجاز، وبعض التجاوزات المحددة حصرا، كصرف الممنوع من الصرف على سبيل المثال. ولكن لا يحق للشاعر ولا لغيره ان يرتكب الجرائم في حق اللغة

 

. 4 – المرأة المبدعة أما زالت محاصرة بسطوة الذكورية المتسلطة ام لديك

 قناعة أخرى؟

 نعم، بأسف أقول نعم. فالرجل العربي يحب المرأة المبدعة

العظيمة شرط ان لا تكون اخته، او ابنته، او زوجته.

 فاذا كانت من هؤلاء وجب عليها ان تخلع انوثتها، وستبقى رغم هذا موضع ارتياب.

الرجل

 العربي يحب الجميلة ويتزوج القبيحة التي لا تلفت الانظار.

 يحب المتميزة ويتزوج السخيفة

. فاذا تزوج الجميلة والمبدعة وضع على عقلها الحجب

الرجل العربي يعاني الفصام، في حبه سرا للمرأة المبدعة، وخوفه منها أمام

الملأ

.

 ويظل هناك استثناء غير قليل، ومن رحم ربي

. 5

 – هل انت كاتبة سعيدة؟

لماذا؟

 لدي رؤية خاصة الى المبدعين الحقيقيين

. فانهم مولودون برهافة شديدة ومشاعر متقدة.

ولذا فلا يمكن ان يكونوا سعداء الا قليلا.

 وهنا يلعب الحظ دورا. فكلما قابلوا اشخاصا طيبين ومحبين كان الفرح اكبر. والعكس صحيح.

 لقد قلت في قصيدة

: “ماذا سيجديني بقاء الشعر للاجيال ان مت؟

 ليت السعادة نلتها في عالمي من دون شعر

 ! انني بالدمع اختط الحروف من القصيدة” واشير الى ان المبدع الذي اتحدث عنه ليس اي شاعر،

 او اي كاتب او فنان، لكنهم قلة نادرة

. 6

– هل انت عاشقة او معشوقة او انك في مكان اخر؟

عاشقة ومعشوقة حتما.

 الحب سنة الشعراء، شرط ان يكون صادقا.

 فان لم يكن صادقا فهم لا يعرفون الشعر ولم يمروا من هناك.

 الشعر هو القلب نابضا، وليس له منبع اخر

اما الذين يعجبون بالشاعرة فهم كثر وهذا طبيعي،

وانه سيف ذو حدين

. 7

– كيف تعرفين الحب في زمننا؟

لست اعرف الحب في زمننا، انا المتهمة من اجله بانني خارج الزمن، لذا اعرفه على زمني انا

الحب ان ابتسم اذا بدا، وارتبك اذا غاب لحظة.

 ان اخاف عليه من الطبيعة،

واخاف من فقده.

ان اخلق عذرا اذا اخطا، واقاتله بسبب الغيرة.

ان افقد

 التوازن في الهجر فلا انام.

 ان اسجنه في حبي فلا يخرج من “قارورة الطيب”.

الحب هو القوة الكبرى في العالم !

فبه اغامر واقاتل لا اخاف احدا ولا ما قيل او سيقال !

 الحب ثورة وشجاعة.

الحب ليس للجبناء

. 8

– ما هي معالم وملامح معاناتك اليوم ؟

هي معاناة العالم مع الحياة الرقمية الجديدة.

معاناة الانسان المتدفق كالنبع الصافي مع التسطيح والتعليب.

معاناة الفكر الحر مع مقتضيات التفاهة وتراكم الثروات.

 معاناة العاطفة الانسانية مع التوحش وعبقرية الكذب والخداع

قدرنا هو الصمود والتمسك بالقيم والايمان بان الشر لن يقوى على الخير مهما كثرت النماذج.

 9 –

 كلمة اخيرة؟

في البدء كانت كلمة.

 والكلمة الاخيرة قصيدة،

 فما اجمل؟ شكرا لكم،

 وهذه القصيدة تحية

ماذا أفكّرُ والمساءُ يطولُ

 ولكلِّ خمرٍ في المساء هطولُ

 شرِّعْ جدارَكَ كي تبيتَ حمائمٌ ما لِي سوى ذاك الجدارِ طُلولُ

أنا بالقميصِ أشدُّ نحوَك غربتي كي لا يضيّعَني هناك أفولُ

تعَبٌ وإنّي لا أعودُ صغيرةً إلاّ لتهميَ من نداكَ سُيولُ

 مذبوحةٌ عَينِي لحُسنِ تلهّفٍ واللّحظُ من شغَفِ الجراح رسولُ

وعلى حدود المقعدَين تنهّدٌ أسَمعْتَ صوتَ الصّمت كيفَ يجولُ

 ويقولُ: لي بعضُ الشتاءِ

ونجمةٌ ولهنَّ من خِدَعِ الحنين فصولُ

 أنا لستُ سارقةً بروضةِ مالكٍ

 أنا في ضميرِكَ نشوةٌ وحُلولُ

 ولقد خُلِقتُ من النّقاء وإنّما للفاجرين على الحياة وصولُ

 قد تهْتُ بينَكَ،

حاضرًا ومغيَّبًا

 وتقولُ إنّكَ عاشقٌ،

 وتقولُ

… (من منازل العشق)