سياسة “فن الممكن” بين الانقاذ والتأجيل والتجميد !!

د نادر عجمي

سياسة “فن الممكن” بين الانقاذ والتأجيل والتجميد !!
من خلال المتابعة لمجمل الاحداث والوقائع والمتابعة للمعطيات واستناداً الى قراءات مطولة (سطحية ومعمقة) بالشأن الامريكي ، وبما يتسع المقام للمقال في هذا الاطار اسطر هذه الخلاصات السياسية العامة بخصوص السياسات الامريكية المتوقعة ببعض القضايا :
هناك اتفاق عام على أن الصين وروسيا وإيران أعداء رئيسيون ومصدر تحدي اساسي .فالصين تعتبر التحدي طويل الأمد وإيران التحدي المباشر والعنصر الاكثر تأثيراً على محيطها الجغرافي والاقليمي. وهناك إدراك بأن روسيا تمثل تحديًا هائلاً في أنظمة إيصال الأسلحة النووية ، فالحاجة ملحة إلى تمديد معاهدة ستارت.
فيما يتعلق بالسياسة الخارجية يريدون “البناء” على إنجازات ترامب بدلاً من التراجع عنها واعتبار اتفاقيات “إبراهيم ” إنجازًا كبيرًا يمكن استخدامه لاحتواء إيران وأساسًا للمضي قدمًا في “خطة السلام” العربية الإسرائيلية والهدف العميق منها حماية اسرائيل وجعلها ضمن اطار مسالم نسبياً في ظل الانشغالات الامريكية الداخلية و الدولية وادخال “اسرائيل” كعنصر جديد على المعادلة الخليجية_الايرانية.
هي التهديد المباشر للمصالح في المنطقة ، فالبوارج الحربية والقواعد الامريكية مقيدة الحركة وشبه معطلة في تحقيق الاهداف الاستراتيجية ، والبعض يرفض العودة لخطة العمل الشاملة المشتركة كما هي ، لكن معظمهم يؤيدون العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة مع البناء على “إنجازات” ترامب ، وهي عرض تخفيف عقوبات عهد ترامب مقابل تراجع إيران عن برنامجها النووي لشروط خطة العمل الشاملة المشتركة. هناك إدراك بأن الولايات المتحدة وإسرائيل ليس لديهما دفاع فعال ضد الصواريخ الإيرانية. والعمل على إطلاق “مشروع مانهاتن للدفاع الصاروخي” ، أي مشابه للعمل في الحرب العالمية الثانية على القنبلة النووية من اجل مواجهة وردع مشروع ايران البالستي.
في العمق التفاوض هو حول #المشروع_النووي لكن في الواقع المطلوب هو “البالستي” الايراني ونسبة التخصيب هي ساحة التفاوض التي فرضها الايراني لتجنيب المس بمشروعه المنجز الفاعل والحامي والرادع.
هناك إجماع عام على ضرورة المشاركة العسكرية المتزايدة مع الحلفاء بمختلف المجالات ضد هذا المحور، واستخدام المنظمات غير الحكومية لتعزيز سياسة الولايات المتحدة من خلال المساعدات والقوة الناعمة. متابعة العمل بالسياسات الرادعة للحد من نفوذ هذا المحور ومنظماته المقاومة من خلال العقوبات والإشغال بمعارك مختلفة وفي محاور مشتتة.
هناك إدراك بأن الهجوم الذي قادته السعودية قد فشل ، ومن ثم فإن وجهة النظر السائدة هي إنهاء الحرب من خلال عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة ، والتي ستحقق أهداف الولايات المتحدة.
يعتبر الحشد في العراق العدو الرئيسي. وسيعملون على زيادة المشاركة العسكرية مع حلفائهم ومنظماتهم (توليد ارهاب جديد ) والقوة الناعمة من خلال دعم الاحتجاجات التي تقودها المنظمات غير الحكومية لمواجهة الحشد. يُنظرون إلى السيد مقتدى الصدر بإيجابية على أنه غير موالي لإيران. وسيستخدمون العقوبات كأداة مفيدة في مواجهة الحشد الشعبي.
هناك اتفاق لديهم على أن الأكراد هم الأداة الأكثر فعالية في محاربة الحكومة السورية. لكن من الطبيعي أن تتعارض هذه السياسة مع مصالح تركيا حليفة الناتو والتي قد تستفزها السياسات المرسومة بخصوص التعاون مع الاكراد.
تعتبر تحت حكم أردوغان حليفًا إشكاليًا. لذلك ، يجب التسامح معه لتجنب التقليب إلى روسيا. سيتم استخدام اقتصاد تركيا الضعيف والمعدات الدفاعية الأمريكية كأدوات للسيطرة على أردوغان. وسيعملون على تجميد او ابطاء تقارب تركيا مع روسيا وايران من خلال اعادة الحياة للعلاقات الاميركية-التركية المأزومة لحين حصول تغيير ما في تركيا، عبر الانتخابات كخيار مفضل ، مع توقع بأنه سيخسر انتخابات 2023. والاستعانة في ذلك بالحلفاء الاوروبيين والضغط الاقتصادي والقوة الناعمة.
هناك عامل آخر واضح في التوصيات السياسية وهو أولوية المصالح الإسرائيلية على المصالح الأمريكية. قد يكون هذا بسبب سيطرة الصهاينة على النخبة الأمريكية ، في واقع الأمر ، يحتل اليهود معظم المناصب الرئيسية في إدارة بايدن.
وهذا انعكس في التوصيات السياسية بالاعتماد المتزايد على المشاركة العسكرية (مع الدول الصغيرة) والعقوبات ، والمنظمات غير الحكومية ، والإرهابيين لتعزيز أهداف السياسة الخارجية فهو في حد ذاته مؤشر على تراجع القوة السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية للولايات المتحدة.
1_هناك انفصال مستمر بين تصور النخبة الأمريكية للعالم والواقع. وقد أدى هذا في السنوات العشرين الماضية إلى تآكل متسارع لقوة الولايات المتحدة ونفوذها ، ومن المتوقع أن يستمر هذا. وتؤكد عقلية النخبة السياسية الأمريكية أن هذا التراجع لا رجوع فيه.
2_حقيقة أن الدعوة لتعزيز المشاركة العسكرية تتم على نطاق واسع تعني ضمناً استمرار الإيمان بالتفوق العسكري للولايات المتحدة. لكن في الواقع ، تفوقت روسيا على الولايات المتحدة في كل مجال من معدات الجنود إلى الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وكل شيء بينهما.
3_إن الانفصال بين تصور النخبة الأمريكية والواقع لا يقتصر على الشؤون العسكرية ولكنه يشمل جميع المجالات بما في ذلك الاقتصاد والتكنولوجيا والصحة. التصور السائد للنخبة الأمريكية هو أن الولايات المتحدة هي الاقتصاد رقم 1 والقلق هو أنه بحلول عام 2030 قد تتفوق عليها الصين.
4_ إن البنية التحتية اللينة (الموارد البشرية) والبنية التحتية الصلبة في الولايات المتحدة متخلفة كثيرًا عن الصين وروسيا وحتى إيران ، وهذا يؤكد أن الولايات المتحدة ستخسر قوتها باستمرار في المستقبل مقارنة بهذه البلدان.
5_هناك ارقام ورسوم بيانية من كبرى مراكز الدراسات الاقتصادية والمالية والتجارية العالمية تبين بالادلة المسار العام للواقع الامريكي .
6_في مواجهة جائحة كورونا تفوق الروسي والصيني على الامريكي بكل شيء من حملات الوقاية والانتشار الى اللقاح والاثار السلبية لكورونا.
1_ان اراد الامريكي ان يجمد العديد من الصراعات للتفرغ لترتيب بيته الداخلي ولتركيز قوته في مناطق محددة، فمن المنطقي مجابهة سياسته من خلال توسعة مناطق الصراع.
2_يجب تقوية مجتمعاتنا اقتصادياً ومالياً وضرب الفساد لاضعاف امكانية اختراقها من مؤسسات القوة الناعمة.
3_ العمل على مواجهة النظام العالمي الجديد في دولنا و بلورة استراتيجية واضحة وتطبيقها من خلال نسج علاقات اقتصادية وسياسية مع دول نتشارك معها نفس المفهوم والاهداف.
4_حث دول المحور الى تعاون متزايد مع الصين وروسيا ودول الشرق فهذا التعاون سيعزز السيادة الوطنية والمناعة القومية وعلينا الضغط في هذا الاتجاه.
5_ “خذ بالحزم ” كوصفة عامة تشمل شدشدة ركاب التفاوض الى الحزم مع الحلفاء ، فالحزم كما هو مطلوب مع الاعداء اعتقد انه مطلوب مع الخصوم والحلفاء الذين يحققون اهداف العدو من حيث يدرون او لا يدرون، فبايدن سيعاود تشغيلهم وتأليبهم.
ان امريكا لم تعد كما كانت من قبل ، وان كل يوم يمر يزيد في ضعف امريكا ، وعلينا ان نتحضر لهذه المرحلة الطويلة والتي فيها استحقاقات كثيرة وكبيرة وخطيرة وتحتاج الى جهد ومثابرة وحكمة ومهارة في التحصين والاستثمار من جهة والتسريع في مسار الانحسار الامريكي من جهة اخرى.
ان ضرب الرأس يشتت الاعضاء والتركيز ، وتصبح حركة الاطراف غير متزنة وتصاب ب “الشبشلة” ، فضرب الرأس هو ” الفعل الصائب” في كل ما نراه والاستمرار اعتقد ضروري وكلما تراجعوا علينا التقدم اكثر ، وكلما ارتفع عويل الاذناب وكثر استفراغهم فاعلموا اننا نصيب بدقة.