د. عامر فرّان: من نتاجات كورونا.. التهديد الأخطر للصحة النفسيّة والعقليّة

بقلم الاعلامي محمد درويش

كثُرت مؤخراً التحليلات النفسيّة والاضطرابيّة لفترة الحجر خلال جائحة كورونا، وكيفما توجّهنا نرى تصاعداً في وتيرة الاستنتاجات التحليليّة لهذه الفترة الصعبة التي يمر بها العالم. رغم كثرة التحليل تبقى الحقيقة الوحيدة الناتجة عن كورونا هي تلك التي لها علاقة بعملية التواصل النفسيّ والاجتماعي بين الناس، والتكيف المجتمعيّ وسط ظروف غير اعتيادية منذ حوالي عام تقريباً، وأخيراً ازدياد نسبة القلق الصحيّ والتوتر الذي يُصيب الناس عند أيّ ظرف يهدّد سلامتهم، كيف إذا كان ذلك فيروساً سريع الانتشار، وغير مألوف! 

يشير الدكتور عامر عبد الناصر فرّان اختصاصي أمراض نفسية وعصبية إلى نتاجات الجائحة على الصعيد النفسي والشخصي للناس، على أن هذه الجائحة لها خاصية اجتماعية جديدة، لكنها أيضاً سببت خللاً في التوازن الحياتي اليومي للأفراد ما أنتج عنه مشكلات نفسيةعديدة ومنها طويل الأمد، وهي:

اضطراب الوسواس القهري Obsessive-Compulsive disorder حيث يرى علماء النفس أن اضطراب الوسواس القهري إحدى المشكلات النفسية التي من المرجح أن تستمر على المدى الطويل بعد وباء كورونا المستجدّ، حيث يرى ستيفين تايلور، مؤلف كتاب “علم نفس الأوبئة” وأستاذ علم النفس في جامعة بريتيش كولومبيا أن الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بأنواع من اضطراب الوسواس القهري (مثل وسواس التلوث والهوس بالتنظيف)، بناءً على ذلك يرى الدكتور عامر أنه من الممكن أن يصابوا بالاضطراب أو تتفاقم أعراضه بسبب الضغوط النفسية من الجائحة. وقد يصاب بعض هؤلاء برهاب الجراثيم المزمن ما لم يتلقوا علاجاً نفسياً ملائماً.

اضطراب القلقِ Anxiety: يتزايد يومياً عدد الذين يعانون من القلق هذه الفترة، بحيث أن الوباء قد فاقم مشكلة القلق والمخاوف لدى الأشخاص الذين يميلون للشعور بالقلق. وحتى بعد انحسار الوباء، سيشعر البعض بقلق مفرط خوفاً من ظهور سلالة أخرى من الفيروس.

انتشار الوحدة المزمنة أو “انعدام الهدف”: سيظهر مشكلة من نوع جديد بعد فرض التباعد الاجتماعي، وهذه المشكلة ستكمن في عدم الانخراط والانخلاط بالمجتمع مجدداً بعد العزلة والوحدة التي تُعتبر إلزامية للحفاظ على السلامة العامة.

الصدمة شعورياً أو لاشعورياً: ترتّب عن الجائحة ما يعرف بـ”TRAUMA” وذلك بعد خسارة أحد المقربين بكورونا، أو بعد متابعة حالة أحد أفراد العائلة يعانون من الألم وعوارض الوباء، الأمر الذي يحتاج متابعة نفسية جدية.

الصحة النفسية والتراجع الاقتصادي: ترتبط العلاقة بين الدخل الشهري والصحة علاقة طردية باتجاه واحد، فما إذا كان الفرد يتقاضى أجراً مناسباً سيشعر بالرضا النفسي، لكن اليوم ومع ازدياد التشدد في الإجراءات الإلزامية للسلامة العامة تبرز مشكلة انخفاض الأجور وتراجع الدخل الشهري وأيضاً ازدياد نسبة البطالة، التي تؤثر على الصحة النفسية على المدى الطويل بشكل عكسي. في هذا السياق أشار الدكتور فران إلى اكتشاف حالات نفسية عديدة مرتبطة مباشرة بتداعيات الوباء على الحالة الاقتصادية نتج عنها الاكتئاب والضغوط النفسية والتفكير في الانتحار.

تحديات من نوع آخر: وهي تلك التي ترتبط بوسائل الترفيه والسفر، التجول، المشي، التبضّع في الأسواق وغيرها من الطرق النفسية للتنفيس عن النفس للصغار والكبار، أمر يزيد من الضغط النفسي المعيش ويفرض حالة جماعية من الضغط وأحياناً الاكتئاب.

كما أضاف فران إلى أولوية الوعي المجتمعي والثقافي حول أهمية ودور الطب النفسي في مساعدة كل شرائح المجتمع على مختلف الأعمار والمستويات في تخطي الاضطرابات النفسية والعقلية التي ظهرت نتيجة الظروف الصحية والاقتصادية الراهنة. وشدّد على ضرورة  التوجه نحو الطبيب المختصّ فما زال البعض لا يميّز بين الطبيب النفسي وطبيب الأمراض الدماغية الأمر الذي يؤخر عملية تشخيص المرض النفسي وبالتالي يؤدي إلى إطالة مدة العلاج.

بالمقابل وتأكيداً على أن الصحة النفسية تواجه تهديداً خطيراً فقد أطلقت منظمة الصحة العالمية تدابير للاعتناء بالصحة النفسية وهي:

الاطّلاع على آخر المستجدات، استماع إلى نصائح وتوصيات السلطات الوطنية والمحلية لكل بلد.

 

اكتسب عادات يومية: من خلال المحافظة على عاداتك اليومية بأقصى قدر ممكن، أو اكتساب عادات يومية جديدة. التعوّد على الاستيقاظ والذهاب إلى السرير في الأوقات نفسها يومياً. الحفاظ على النظافة الشخصية. تناول وجبات صحية في أوقات منتظمة. ممارسة الرياضة بانتظام. تخصيص وقتٍ للعمل ووقتٍ للراحة.

التواصل الاجتماعي مهمّ: التواصل بانتظام مع الأشخاص المقربين عن طريق الهاتف وقنوات الإنترنت.

التقليل من شرب الكحول والمخدرات.