🌹 غريبةٌ هي هذه الدنيا! أنسَتْنا أنّنَا هنا في رحلة إيّاب وذهاب! فمُذْ وصَلْنا إلى المحطّة المؤقتة غرقْنَا في البحث عن الآخرين! مخاصمتهم، إرضائهم، الانشغال بهم، تأييدهم، الدفاع عنهم، والأخذ بثنائيّتيّ ال « معْ والضدّ،،،» تلهّينا عن حقيقة نزْف الأيّام التي باتت تُؤذن بقرب انتهاء تاريخ جواز السّفر والعودة من دون الحقائب الماديّة إلى الطائرة التي لا تُرى بالأعين البشريّة…! الغريب في أنّنا شاهدْنَا غيرَنا يرحل إلى باطن الأرض ويُنْسَى! مهما كان كبيرًا في دنياه! وبعده، نعود إلى متابعة الوهم والسراب وأنشودة الخسائر اليوميّة!
سأحاول مُجدّدًا تمزيق الكثير من العناوين المتكرّرة في دنياي! وسأجهد في اختراق القيود التي صنعَهَا الناس لي وصنَعْتها بنفسي الحائرة لهم، حتّى صارت عوائق عميقة تؤخّرني عن بلوغ المراد باستنزافٍ لا يُغني ولا يُسمن من حياة! فأنْ تُطيل الاكتراث بما لا يُقَدِّم لك زادًا وفيرًا للرّحلة القريبة، سيجعلك تتجنّب الرحيل الذي لا مفرّ منه، خشيةً من قلّة الزاد!
هنا! لن يأسف عليك سوى مَن أحبّك من دون مصلحة تُوفّى إليه!
فحتّى البكاء سيكون مؤقتًا…وسيُنسَى جميلك، وتُنسى! وقبيحك سيغدو لغة مزركشة يستثمر فيها الناس كي يجرحوك مرّتين!
سأحاولُ تصفّح ورقتي الأخيرة مرارًا في كلّ يوم أحيا فيه، إنسانًا!
لن يأسف عليك إلّا من أحبّك:
من دون مال، من دون جمال، من دون كمال، من دون مزايا الدنوّ والرفعة والسيرة الذاتيّة الخالية من أثر جليل!
سيأسف عليك مَن أحبّك وحسب، بوصفه إنسانًا يُتقن فنّ العبور! فالكلّ سيعبر مع طيّ الصفحة الأخيرة لديه!
هنا! لن نسمع خشخشة صوت المذياع الذي يسمعه الناس، ولن يسمعه الراحلون! فالناس في شغل عنه، والراحل في شغل آخر! حبّذا لو نقتنع أنّ السفر القريب قادم بعد برهة! وحبّذا وحبّذا وحبّذا أن لا نستثمر للناس وفي الناس، وننسَى الاستثمار لرحلتنا العاجلة! إلى الله! د. محمد حمود.