بقلم علي خيرالله شريف
الرئيس حسان دياب، رئيس حكومة تصريف الأعمال، إقرأوا جيداً “حكومة تصريف الأعمال”، والوزراء الشرفاء في حكومته؛ لم يناموا ولم يكِلُّوا، ولم يرضوا أن يعيشوا فَرحَةَ العيد واللبنانيون بلا عيد.
كنا نتحرَّقُ شوقاً وحاجةً لأن يكون هناك قبل ترشيد الدعم، ترشيداً للإنفاق، وتسكيراً للهدر، واستعادةً للأموال المنهوبة، وقَضّاً لمضاجع أركان الفساد، ومحاكمةً للفاسدين.
ولَكَم سَعِدنا عندما بدأت حكومة الرئيس حسان دياب مُنذُ نيلِها الثقة بِفِعلِ ما نتمنَّاه. نعم بدأت من المكان الصحيح وبالطريقة الصحيحة وفي الوقت الصحيح من عمرها، وكادت أن تحقق في ذلك جُلَّ المطلوب خلال فترة زمنية قياسية، لولا أن حصل ما حصل من عرقلةٍ لجهودها، وتخريبٍ لخططها من قبل امبراطورية الفساد المترامية الطوائف والمنغرزة الجذور في أوصال الوطن. لقد حاربوها لتستقيل فحَوَّلوا الحُكمَ إلى حالةٍ من الشلل، مُوَزَّعٍ بين حكومةِ تصريفِ أعمالٍ مسلوبةِ الصلاحيات.
مع ذلك كُلِّه، ينبري الرئيس حسان دياب للمسؤولية، برغمِ تصريف الأعمال، بكل ما تستطيع من حَولٍ وقوة. وراح يحاول صُنعَ الحد الأقصى من الترشيد المطلوب بالحد الأقصى من الجهد الممكن لتجنيب لقمة عيش المواطن والسلع الرئيسية التي يحتاجُها خطرَ المسِّ بها. فوضعت حكومته مشروع ترشيد الدعم.
نعم، عند تعثر ترشيد الإنفاق واقتراب البلد من الإفلاس، نحن مُضطرون إلى ترشيد الدعم بشكلٍ يُبقيه يؤازر الفقراء والمِعوَزين، ويخففه عن الأثرياء والـمُترَفين، عسى أن يتم توفير بعض المبالغ على الخزينة وتأخير التدحرُج نحو الانهيار.
ومن نِعَمِ الله علينا أن مشروع الترشيد هذا يُخَطَّط له بأيدٍ ماهرة وأمينة، تحاول أن تستكمل نِصابَــهُ ليَــبلُغَ شاطئَ الأمان. وهذا الإجراء الذي يتم بين الحكومة ومجلس النواب، سيؤدي إلى توفير حوالي ثلاثة مليارات دولار على الخزينة.
فكيف يا ترى سيتم ترشيد الدعم؟ ومن يستفيد منه؟ وأين أصبح المشروع؟
لقد عُقدت لقاءات عديدة ودؤوبة بين الرئيس حسان دياب والوزراء المعنيين بالترشيد في حكومته، بحضور حاكم مصرف، وتم الاتفاق على مشروع ترشيد الدعم وفق أربع سيناريوهات تحدثت عنها وسائل الإعلام، ثم تم رفع المشروع إلى مجلس النواب لدراسته في اللجان الـمُشترَكة بعد رأس السنة، وأخذ القرار المناسب بخصوصه.
إذن الكرة الآن في ملعب مجلس النواب.
ومن ناحيته فقد أعلم دولة الرئيس نبيه بري النواب بالمشروع وسيزودهم بنُسَخٍ عنه. والحكومة تنتظر صدور القانون لتضع مراسيمه التطبيقية وتبدأ بالتنفيذ. ولا بد لكلِّ مواطن من معرفة الملاحظات الآتية عن المشروع:
– بدايةً لا بد من القول أنه سيسبق رفع الدعم إطلاق البطاقة التموينية التي تترواح قيمتها بين مئة ومئة وسبعين دولاراً شهرياً للعائلة، بحيث يستطيع المواطن تأمين كل احتياجاته الغذائية من خلالها. وقد تم الاتفاق على إطلاقها بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب وحاكم مصرف لبنان.
– لن يُرفَع الدعم عن الطحين بتاتاً، ولن تُمس ربطة الخبز ولن يُمس سعرها.
– سيتم رفع الدعم عن المحروقات، ولكن تقول الحكومة أن سعر النفط عالمياً هو بالأساس متدني، وبالتالي لن يكون لرفع الدعم عنه التأثير الكبير على سعره في السوق. طبعاً سيرتفع السعر ولكن ليس بشكلٍ كبير. أما من ناحية السيارات العمومية ووسائل النقل المشترك، فسيكون لهم بطاقات يستطيعون من خلالها شراء المحروقات بسعر مدعوم، ما يمكنهم من متابعة عملهم بشكل اعتيادي دون أن يضطروا إلى رفع تسعيرة النقل.
وتجدر الإشاردة إلى أن مبلغ الدعم الذي تتكلفه الخزينة سنوياً يصل إلى حوالي 6 مليارات دولار، وستؤدي عملية الترشيد إلى توفير ما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار سنوياً.
نحن بحاجة لترشيد الدعم لمواجهة حالة الإفلاس التي نتجه نحوها بانتظار أن يقضيَ الله أمراً كان مفعولا، ويُصبح ملف التنقيب عن النفط وكل الملفات الأخرى في أيدٍ أمينة، ونصل إلى نتيجة شافية في التدقيق الجنائي تعيد الأموال المنهوبة والودائع المسلوبة، عسى أن يصل البلد إلى شاطئَ الأمان ويتم كَف الأيدي العابثة والآثمة عنه.
علي خيرالله شريف
بيروت في 27 كانون الأول 2020