هي ثلاثة أسابيع أو أقل سيمضيها معظم اللبنانيين الذين بدأوا بالوصول الى لبنان منذ منتصف شهر كانون الأول الحالي مع عائلاتهم وأصدقائهم، هم لم يروا ذويهم منذ ما يقارب السنة أو أكثر، أي منذ بدء انتشار فيروس كورونا وتأثيره على حركة السفر بين البلدان.
بعض العائلات لم تتمالك نفسها من الفرح، فانهمرت الدموع من عيونها لدى وصول أحد أبنائها من الخارج، منذ أيام بدأت صالات الاستقبال في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت تغص بمستقبلي العائدين الى لبنان ولو لفترة قصيرة لتمضية الاعياد مع ذويهم.
إنقسم القادمون الى لبنان بين طلاب يدرسون في الخارج وبخاصة من فرنسا، كما هو الحال مع عائلة عون من منطقة عين سعادة التي كانت في استقبال ابنتها في المطار فلم تتمالك الام نفسها من البكاء إذ أنها لم تصدق أن ابنتها موجودة أمامها شخصيا بعدما كانت تتواصل معها عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وبعدما استبعدت إمكان قدومها الى لبنان بسبب فيروس كورونا والخوف المسيطر على معظم العائلات.
وهذا هو حال أفراد عائلة دونا من منطقة كسروان الذين حضروا الى المطار لاستقبال ابنتهم من فرنسا حيث تتابع دراستها، فكان السلام “بضرب الايادي ببعضها” عوضا عن القبلات كما هي الحال قبل كورونا. ولم تمنع الظروف الصحية السائدة في العالم والحذر بسبب فيروس كورونا أحد المغتربين من آل كرم من المجيء إلى لبنان وتمضية فترة الاعياد مع عائلته في منطقة زغرتا اللبنانية إذ أن لا شي ممكنا أن يكون بديلا من أجواء عيدي الميلاد ورأس السنة في مدينته” كما يقول.
واذا كانت الظروف الاقتصادية وفرص العمل في الخارج إحدى العوامل الأساسية لمغادرة الشباب اللبناني، فإن ذلك لم يثنهم عن القدوم الى لبنان لأيام معدودة للبقاء في فترة الأعياد مع ذويهم حتى لو كانت أجواء الأعياد في الخارج أفضل من لبنان، وهذا ما يعبر عنه أفراد من عائلة بسمة من منطقة صيدا الذين وصلواالى لبنان من الإمارات العربية المتحدة لرؤية أهلهم والاطمئنان عليهم.
ولا يقتصر مجيء القادمين إلى لبنان على أفراد الأسرة والأقرباء، ولكن ثمة أصدقاء لعائلات لبنانية يأتون من مختلف دول العالم للوقوف الى جانب أصدقائهم اللبنانيين في فترةالأعياد ك “جاك”الآتي من جنوب أفريقيا للقاء أصدقائه اللبنانيين وتمضية أسبوعين معهم، جاك الذي يعتمر قبعة انكليزية وكمامة تميزه عن غيره من الواصلين الى المطار إعتاد القدوم الى لبنان الذي يحب كما يقول، وقبيل وصول أصدقائه لملاقاته، قال: ” فليحم الله لبنان”.
أما بالنسبة الشائعات التي طالت المطار والخطر الأمني فيه، فيبتسم رياض النميري من بلدة الصرفند الذي ينتظر في المطار وصول أخوته من إلمانيا ويقول أن أفراد عائلته لم يوفقوا بالحجز لكامل العائلة للقدوم الى لبنان لقضاء فترة الأعياد ويشير الى أن “تلك الشائعات تندرج في إطار تخويف الناس من القدوم الى لبنان، ولكن أفراد عائلته لم تكترث لها”، كما يقول النميري.
خلال 24 ساعة وصل الى لبنان 7 آلاف و700 قادم من مختلف دول العالم لقضاء فترة الأعياد في لبنان رغم كل ظروفه. وسجلت حركة الوصول منذ بداية شهر كانون الأول ما يزيد عن ثمانين ألفا.
ويثني الوافدون الى مطار بيروت الدولي على الاجراءات المتخذة لتسيير أمور الواصلين بدءا من التأكد من إجراء المسافرين لفحص كوفيد 19 قبل التوجه الى لبنان ضمن مدة لا تزيد عن 3 أيام كحد أقصى، او الخضوع للفحص في المطار في حال عدم إجراء الفحص قبل السفر الى لبنان، في حين تذكر النداءات المتكررة من قبل المسؤولين في المطار بضرورة وضع الكمامة منذ لحظة دخول المطار والابقاء على مسافة مع الواصلين، إلا أن البعض أبدى ملاحظة تتعلق بتأخر وصول الحقائب لبعض الوقت، وهذا ما يحصل لدى وصول أكثر من طائرة في وقت واحد.
صحيح أن عام 2020 كان عاما صعبا بكل المقاييس على اللبنانيين جميعا، وصحيح أن الغصة موجودة في قلب كل لبناني سواء المقيم أو المغترب، ولكن مجرد اللقاء بالاهل أو الاصدقاء تبقى فرحة تسهم في إضفاء الأمل ولو لفترة قصيرة… فالعيد لا يكتمل إلا بوجود الاحباب مع مراعاة التدابير والاجراءات الصحية اللازمة.
“الوكالة الوطنية”